كتاب توضيح مقاصد العقيدة الواسطية

يعني: الصمد هو الكامل في جميع صفات الكمال، فهذان اسمان من أسمائه الحسنى ذُكرا على وجه التعيين، وبالتفصيل والتنصيص عليهما، فهذا من الإثبات المفصل.
وقوله تعالى {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} لم يلد ردٌّ، وإبطال لما نسبه إليه المفترون من اليهود، والنصارى، والمشركين، والفلاسفة وغيرهم ممن نسب إليه الولد تعالى الله عمّا يقولون.
{وَلَمْ يُولَدْ} لا أعلم أن أحدًا من الطوائف الْمُقِرَّة بوجوده سبحانه قال: إنه وُلِد (¬1)، لكن لما نفى الله الولد عنه؛ اقتضى ذلك -والله أعلم- نفي الولادة عن الله ـ أي: أن يكون له والد ـ، فإنه سبحانه وتعالى {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} فهو: الأول الذي ليس قبله شيء، فلا بداية لوجوده، والمولود مُحْدَث، وهو: جزء من والده والله سبحانه وتعالى صمد لا تَجَزُّأ في ذاته، ولم يكن له كفوا أحد، ليس له نظير، وهذا النفي يتضمن نفي الولد، والوالد.
ونفي الكفو يتضمن كمال أحديته وصمديته.
ولما أثبت لنفسه أنه الأحد الصمد أكَّد ذلك بنفي الولد، والوالد، والكفو وهذا نفي متضمن لإثبات كماله تعالى.
يقول الشيخ: "ودخل فيها" ما وصف الله به نفسه في أعظم آية في كتابه حيث يقول: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَاخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} الآية، وهذه الآية هي أعظم آية في كتاب الله.
كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأُبي بن كعب - رضي الله عنه -: " أي آية في كتاب الله أعظم؟ فقال: آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحي القيوم}، فقال: ليهنك العلم أبا المنذر " (¬2).
¬__________
(¬1) [انظر فائدة هذا النفي في مجموع الفتاوى 2/ 448].
(¬2) [رواه مسلم (810)].

الصفحة 44