كتاب توضيح مقاصد العقيدة الواسطية

فيصح الإخبار عن الله فيقال: الله قديم متقدم في وجوده على كل شيء لا بداية لوجوده، فهذا المعنى حق ثابت للرب سبحانه، لكن يغني عنه اسمه الأول، فالأول من أسماء الله الحسنى.
واسمه سبحانه " الآخر" يتضمن دوامه سبحانه وتعالى، وبقاءه الذي لا نهاية له، فكل مخلوق يفنى، والله تعالى لا يفنى كما قال الإمام الطحاوي- رحمه الله- في عقيدته: "قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء لا يفنى، ولا يبيد ولا يكون إلا ما يريد" (¬1).
سبحانه وتعالى، وما كتب الله له البقاء مثل الجنة والنار، فدوامهما، وبقاؤهما ليس ذاتياً لهما، بل بقاؤهما بإبقاء الله لهما، أما بقاء الرب، فهو ذاتي لا يجوز عليه الفناء ألبتة.
فهذان اسمان دالان على أزليته، وأبديته ـ يعني ـ على دوام وجوده في الماضي، والمستقبل.
واسمه سبحانه "الظاهر" يعني العالي، والظهور من معانيه العلو، فهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء، بل هو فوق كل شيء {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [(18) سورة الأنعام]
وهو "الباطن" الذي ليس دونه شيء، فبصره نافذ لجميع المخلوقات، وسمعه واسع لجميع الأصوات، وعلمه محيط بكل شيء لا يحجب سمعه شيء، ولا يحجب بصره حجاب، بصره نافذ يرى عباده، وعلمه محيط بكل شيء.
وليس معنى الباطن أنه تعالى داخل في المخلوقات، بل هو بائن من خلقه ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته.
وقوله: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} اسمان من أسمائه
¬__________
(¬1) [العقيدة الطحاوية ص 19].

الصفحة 51