كتاب توضيح مقاصد العقيدة الواسطية

الحسنى دالان على كمال حكمته، وخبرته، فهو خبير بدقائق الأشياء، وهو أخص في المعنى من اسمه العليم.
وقوله {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ} كأن هذه الجمل تفصيل لمضمون اسمه الخبير.
و {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ} ما صيغة عموم ـ يعني ـ: يعلم كلَ ما يلج في الأرض: من الأحياء؛ كالحيوانات التي لها مساكن تأوي إليها في الأرض، ومن النباتات، ومن الناس، وما يدخل فيها من الجمادات، كالمياه التي تغور في الأرض.
{وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} من هذه الأمور.
{وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} من الملائكة، ومن الأمر الذي ينزل من عنده.
يعلم هذا كله، وهكذا قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} عنده خزائن الغيب التي استأثر بعلمها، ومنها الخمس التي لا يعلمها إلا الله {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [(34) سورة لقمان]، فهذه خمس تفرد الله بعلمها لا يعلمها ملك مقرب، ولا نبي مرسل (¬1).
{وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ} ما: صيغة عموم أي: كل ما في البر يعلمه الله.
{والبحر} أي: ويعلم ما في البحر، عام يشمل ما فيه من الحيوانات، والنباتات، والجمادات التي لا يحصيها إلا خالقها.
{وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ
¬__________
(¬1) [قد جاء هذا في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي رواه البخاري (50) ومسلم (9)].

الصفحة 52