كتاب توضيح مقاصد العقيدة الواسطية

يزل، ولا يزال سميعا، ولم يزل، ولا يزال بصيرا، ما زال بصفاته سبحانه وتعالى قبل خَلْقه لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته، هكذا يقول الإمام الطحاوي في عقيدته (¬1) فصفاته تعالى أزلية.
والإيمان بذلك له أثر، إذا وقر في القلب الشعور بأنه تعالى: سميع بصير؛ أحدث له المراقبة، لكن تضعف هذه المراقبة عند ضعف الشعور والاستحضار لسمع الرب وبصره، أما من استحضر أن الله يسمع كلامه سوف يَحْسُب حِسابا لما يتكلم به؛ لأنه يستحضر أن الله يسمعه، لكن يؤتَى الإنسان من غفلته عن إطلاع الله عليه، وسمعه.
وتفصيل صفتي السمع والبصر كثير في القرآن.
والله تعالى يسمع كلام المؤمنين، وكلام الكافرين، وكلام الناس العادي، {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [(1) سورة المجادلة] هذا من الكلام العادي تحاور في قضيتها، ويسمع المتنقصين لربهم {لَّقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء} [(181) سورة آل عمران] ويسمع كلام الرسل في دعوتهم، وما يرد عليهم قومهم، كما قال سبحانه لموسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [(46) سورة طه] {إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ} [(15) سورة الشعراء] {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [(80) سورة الزخرف] بصير سبحانه وتعالى ببصر، وبصره نافذ بجميع المخلوقات، فهو السميع البصير، ولما قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية (¬2) " وضع إبهامه على أذنه، والسبابة على عينه" (¬3).
¬__________
(¬1) [ص 3].
(¬2) [أي: قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}].
(¬3) [رواه أبو داود (4728)، وابن خزيمة في التوحيد ص 42، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/ 987، وابن حبان (265) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال الحافظ ابن حجر في الفتح 13/ 373: أخرجه أبو داود بسند قوي على شرط مسلم].

الصفحة 58