كتاب توضيح مقاصد العقيدة الواسطية

سبحانه الإرادة، فهو يريد، قال أهل العلم (¬1): الإرادة المضافة لله تعالى نوعان:
إرادة كونية، وإرادة شرعية؛ أما الإرادة الكونية، فهي بمعنى: المشيئة، ومن شواهدها قوله تعالى {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [(16) سورة البروج] هذه إرادة كونية، كل ما شاء سبحانه أن يفعله فعله؛ لأنه لا معارض له، ولا يستعصي عليه شيء.
ومن شواهد الإرادة الكونية قوله تعالى {فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ} [(125) سورة الأنعام] يعني من يشأ الله أن يهديه بشرح صدره للإسلام يوسع صدره، ويقذف النور فيه، ويجعل فيه القبول للحق، فيقبل الحق بانشراح، وسرور، وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ ـ نعوذ بالله ـ يجعل صدره ضيقًا حرجًا، ينفر من الحق ويشمئز منه، {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [(45) سورة الزمر] والله تعالى يَمُنُّ على من يشاء يهدي من يشاء بفضله، ورحمته، ويضل من يشاء بحكمته وعدله، يعطي ويمنع، يهدي ويضل، ويعز ويذل.
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [(26) سورة آل عمران].
وأما الإرادة الشرعية؛ فمتعلقة بما أمر الله به عبادة مما يحبه ويرضاه. ومن شواهدها: قوله تعالى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [(185) سورة البقرة] و {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} [(26) سورة النساء]، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [(33) سورة الأحزاب]
¬__________
(¬1) [مجموع الفتاوى 8/ 188 والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان 11/ 266، وشفاء العليل ص 280].

الصفحة 60