كتاب توضيح مقاصد العقيدة الواسطية

فهاتان إرادتان، قال أهل العلم (¬1): إن الفرق بين الإرادتين من وجهين:
أما الإرادة الكونية فإنها عامة لكل الموجودات فهي شاملة لما يحب سبحانه وما لا يحب، فكل ما في الوجود فهو حاصل بإرادته تعالى الكونية؛ سواء في ذلك ما يحبه الله، أو يبغضه، فكل ما في الوجود فهو حاصل بإرادته تعالى الكونية التي هي بمعنى المشيئة، فإنه لا يخرج عن مشيئته، أو إرادته الكونية شيء ألبتة.
أما الإرادة الشرعية فهي تختص بما يحبه سبحانه، فالطاعات مرادة لله شرعا، أما المعاصي فليست مرادة شرعا، وما يقع من الطاعات، كالصلاة مثلا نقول: هذه الصلاة تتعلق بها الإرادتان: الإرادة الكونية، والإرادة الشرعية.
وهكذا سائر الطاعات واقعة بالإرادة الكونية، ومتعلقة كذلك بالإرادة الشرعية، فهي مرادة لله كونا وشرعا.
أما ما يقع من المعاصي فهي مرادة لله كونا؛ لأنه لا يقع في الوجود شيء البتة إلا بإرادته، ومشيئته سبحانه.
لكن هل المعاصي محبوبة لله؟ لا بل هي مُبْغَضَة، وإن كانت واقعة بإرادته.
فالفرق بين الإرادتين من وجهين:
الأول: أن الإرادة الكونية عامة فكل ما في الوجود فهو مراد لله كونا.
أما الإرادة الشرعية فإنها إنما تتعلق بما يحب سبحانه وتعالى.
قال أهل العلم: فتجتمع الإرادتان في إيمان المؤمن، وطاعة المطيع.
¬__________
(¬1) [انظر الحاشية السابقة].

الصفحة 61