كتاب توضيح مقاصد العقيدة الواسطية

أسماء الله الحسنى، وصفاته العلى، فيجب إثبات ذلك له سبحانه وتعالى على ما يليق به، ويختص به بلا تحريفٍ، وصرفٍ للنصوص عن ظاهرها كما يفعل أهل التعطيل، والضلال، ولا تكييف، ولا تمثيل، فالمنهج واحد في كل النصوص هذا منهج أهل السنة والجماعة.
وأما المعطلة فينفون حقيقة الصفات، ثم يؤولون النصوص، هذا هو الغالب عليهم، ومنهم المفوض الذي يقول: هذه النصوص لا نقول فيها شيئا، بل نمرها ألفاظا دون تفسيرٍ لها، ودون فهم لمعناها، فهي نصوص لا تدل على شيء، ولا يفهم منها شيء، وكلا القولين ـ قول: أهل التفويض وأهل التأويل ـ باطل، بل هذه النصوص دالة على معان معقولة، ويفهمها من وفقه الله فهي تدل على إثبات هذه الأسماء، وهذه الصفات لربنا تعالى، وبهذا عرفنا أن تعالى رحمن، وأنه رحيم، وأن رحمته واسعة، وأنه سبحانه وتعالى وسع كل شيء رحمة وعلما، وأنه لم يزل رءوفا رحيما سبحانه وتعالى.
وهذا العلم والإيمان يوجب التوجه إلى الله بطلب رحمته، ويبعثُ الرجاء في قلوب المؤمنين، إذا تدبَّر المسلم هذه الآيات تعلق قلبه بربه، وقوي أمله ورجاؤه فيه، فصار يرجو رحمته، كما قال الله في صفة المؤمنين {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [(57) سورة الإسراء] وبناء على هذا العلم يضرع المؤمن إلى ربه: اللهم ارحمني، وارحم عبادك المؤمنين، فيدعو لنفسه بالرحمة، ويدعو لإخوانه المؤمنين، وإذا رحمه ربه أنعم عليه بأنواع النعم، وأعظمُ رحمة يرحم الله بها عبده أنه يوفقه للإيمان، والعمل الصالح، والاستقامة على ذلك.

الصفحة 71