كتاب توضيح مقاصد العقيدة الواسطية

تعالى يكره، وفي الحديث " إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال" (¬1).
وقال سبحانه وتعالى: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء]، وكذلك وصف نفسه بالمقت للكافرين {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ} [(10) سورة غافر] والمقت هو: أشد البغض، فكما أنه تعالى يحب أولياءه المؤمنين، ويحب المقسطين، والتوابين، والمتطهرين، ويحب المتوكلين عليه، كذلك يمقتُ الكافرين، ويبغضهم، ويكرههم.
وأهل السنة والجماعة يثبتون هذه الصفات، ويمرونها كما جاءت، يؤمنون بأن الله تعالى يرضى، ويغضب ويكره، ويمقت حقيقة، على ما يليق به سبحانه وتعالى، والمخلوق يوصف بهذه الصفات، فيوصف بالرضا {رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} في آية واحدة، وليس الرضا كالرضا، ويوصف المخلوق بالغضب {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} [(150) سورة الأعراف] {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ} [(154) سورة الأعراف] وليس غضب المخلوق كغضب الخالق سبحانه، وكذلك المقت في آية واحدة {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ} [(10) سورة غافر]، والمخلوق يوصف بأنه يكره {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَاكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [(12) سورة الحجرات]
وليست صفة الخالق كصفة المخلوق، ولا صفة المخلوق كصفة الخالق، فيجب إثبات ما أثبته الله لنفسه مع نفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية، ومذهب أهل السنة والجماعة في نصوص الصفات قائم على هذه الأصول الثلاثة:
1 - إثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
2 - نفي التمثيل ـ أي ـ نفي مماثلته تعالى لخلقه، وأن صفاته لا تماثل صفات المخلوق.
3 - نفي العلم بالكيفية، فصفاته سبحانه وتعالى لا يعلم أحد من الخلق كيفيتها.
¬__________
(¬1) [رواه البخاري (2408) ومسلم، كتاب الأقضية (593) من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -].

الصفحة 73