كتاب توضيح مقاصد العقيدة الواسطية

وهل لصفة الرب تعالى كيفية؟
نعم لها كيفية لكن يجب علينا ألا نبحث عن كيفية صفات الرب؛ لأن ذلك قد استأثر الله بعلمه، فلا علم لنا بكيفية ذاته وصفاته.
ولهذا نقول: نفي العلم بالكيفية، ولا نقول: نفي الكيفية.
وقول السلف: تمر كما جاءت بلا كيف ـ يعني ـ بلا تكييف لصفاته، وبلا بحث عن كيفية صفاته سبحانه.
وأمَّا المعطِّلة من الجهميةِ، والمعتزلة، والأشاعرة في هذه الصفات فإنهم ينفون حقيقةَ الرِّضا، ويفسرونه بإرادة الإنعام نحو تفسير المحبة، والرحمة.
وينفون حقيقة الغضب، والكراهة، والْمَقت، ويفسرون ذلك إما: بإرادة الانتقام، وإما ببعض المفعولات، وهي: ما يخلقه تعالى من العقوبات، يعني: نفس المقت، فالعقوبة التي يخلقها الله هي الكراهة، وهي الغضب، وهي كذا، وكذا، ويدَّعون أن الغضب ـ مثلا ـ هو: غليان دم القلب طلبا للانتقام، وهذا المعنى لا يليق بالله (¬1). فيقال لهم: هذا تفسير لغضب المخلوق، وهذه حقيقة غضب المخلوق، فهو الذي يمكن أن يفسر بأنه غليان دم القلب، أما غضب الرب سبحانه فلا يفسر هذا التفسير، غضب الرب معنى معقول ضده الرحمة من آثاره: الانتقام، وإنزال العقاب بمن غضب الله عليه ـ نعوذ بالله من غضب الله ـ، فيجب الإيمان بما أخبر الله به عن نفسه من هذه الصفات.
والإيمانُ بأنه تعالى يرضى، ويغضب، ويكره، ويمقت يوجب للعبد خوفا، ورجاء، ويوجب له أن يطلب رضا الله، وأن ترغب نفسه في ذلك ورضوان الله أكبر ما يمن الله به على أوليائه ففي الصحيحين
¬__________
(¬1) [التدمرية 116 وشرح حديث النزول ص 112].

الصفحة 74