وقوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} الآيات .. هذا إخبار من الله عن سفينة نوح عندما أمره الله بصنعها {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}، فصنعها نوح عليه السلام على عين الله، ومرأى من الله، وجرت به، وبمن معه من المؤمنين أيضا بمرأى من الله، وإذا قال المفسرون من أهل السنة {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} الآيات .. أي: بمرأى مِنّا، فليس هذا من التأويل في شيء، هذا تعبير عن دلالة الكلام، ومعنى: تجري بمرأى منا: تجري والله يرعاها، ويراها بعينه التي لا تنام، فمن قال: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} أي: بمراى مِنّا فقد عبَّر عن المعنى تعبيرًا صحيحًا، وليس هذا تأويلا للعين، ولا نفيا للعين؛ بل هذا يتضمن إثبات العين؛ لأن العين بها تكون الرؤية {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} فيه تصبير للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتثبيت لقلبه على أذى أعدائه.
ومن كان الله يراه، ويرعاه، ويحفظه، ويحرسه فإنه لا خوف عليه، كما قال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [(217 - 220) سورة الشعراء]
ويقول أهل السنة (¬1): إن لله عينين، وإن كان لفظ العينين لم يرد في القرآن، ولم يصح به حديث فيما أعلم، وإنْ ذُكِر فيه حديث لكن في ثبوته نظر (¬2)، لكن أهل السنة فهموا من كلام الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -
¬__________
(¬1) [مقالات الإسلاميين ص 211 و 290، وبيان تلبيس الجهمية 1/ 397 و 2/ 27، ومجموع الفتاوى 4/ 174، والصواعق المرسلة 1/ 262].
(¬2) [رواه ابن أبي الدنيا في كتاب التهجد وقيام الليل رقم (508)، والعقيلي في الضعفاء 1/ 70 من طريق إبراهيم الخوزي عن عطاء بن أبي رباح سمعت أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن، فإذا التفت قال له الرب يا بن آدم إلى من تلتفت إلى خير لك مني أقبل على صلاتك فأنا خير لك ممن تلتفت إليه ".
إبراهيم الخوزي هو ابن يزيد الخوزي شديد الضعف، ضعفه عامة المحدثين. انظر: تهذيب الكمال 2/ 242، وميزان الاعتدال 1/ 75. وهذا من منكراته. وانظر: الضعيفة للمحدث الألباني (1024)]