كتاب تاريخ مملكة الأغالبة

والشيء الملفت للنظر في تلك الفترة أن العرب لما نزلوا إفريقية كانوا شديدي الاهتمام والحرص على أن يتخذوا لأبنائهم الكتاتيب الصغيرة الملحقة بالمساجد ليدرسوا فيها القرآن والحديث والدين واللغه العربية، ويعجبني قول الأستاذ الكبير حسن حسني عبد الوهاب في تعليقه على هذه الظاهرة أنهم عندما أناخوا بمعسكرهم وخطوا قيروانهم، أنشئوا الدور والمساجد ثم التفتوا إلى تعليم صبيانهم،فاتخذوا لهم محلا كتابا بسيط البناء يجتمعون فيه لقراءة كتاب الله العزيز.
ومع قيام الخلافة العباسية لم يجد العنصر العربي سواء أكانوا قيسية أم يمنية في إفريقية سندا من الدولة العباسية حيث وفدت عناصر جديدة من الخراسانيين في الحملات التي كان يبعثها العباسيون من وقت لآخر لبلاد إفريقية.
صحيح أنه حدثت في بداية الأمر إضطرابات وصدامات مباشرة بين الجند العربي والخراساني مما هدد بقاء السلطة العباسية في إفريقية وكانت السبب في مقتل محمد بن الأشعث الخزاعي، ولكن بمرور الوقت اندمج العنصر العربي الخراساني باهل البلاد الأصليين (البربر) عن طريق المصاهرة، فقد برز من العنصر الخراساني عدد من الفقهاء والعلماء كان لهم دور هام في حدوث نهضة فقهية وعلمية في إفريقية من أمثال محمد بن عبدوس.
ولكن من كان يقلق بال الدولة العباسية في إفريقية هم الخوارج بشتى مذاهبهم، لأن الخوارج كانوا من العوامل الرئيسية في إسقاط الحكم الأموي مما دعا الخليفة المنصور أن يطلق يد ولاة مصر من أجل القيام بالحملات المتوالية للقضاء على الخوارج في المغرب، ومثال ذلك حملة محمد بن الأشعث التي تكلفت أموالا باهظة، ونجح هذا الوالي في مقتل زعيم الخوارج الإباضية وهو أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح بن مالك المعافري ولكن

الصفحة 28