كتاب تاريخ مملكة الأغالبة

على بعد ثلاثة أميال جني القيروان، وفي عهد إبراهيم بن الأغلب ثار بتونس رجل من كبار رجالات العرب يسمى حمديس ونزع السواد شعار بني العباس، فارسل إبراهيم قائد عمران بن مجالد في جيش كبير للقضاء على حركته، فالتقى عمران معه في معركة قرب تونس انهزم فيها حمديس وأنصاره، وقتل منهم نحو عشرة آلاف مقاتل، وتمكن عمران من دخول تونس، وبرغم أن عهد بن الأغلب لم يخل من الثورات والفتن ولكنها كانت لا تقاس بالثورات التي كانت تضطرم في إفريقية في العهود السابقة، على أي حال تمكن إبراهيم بن الأغلب بفضل مالديه من كفاءة وشجاعة وذكاء وقوة مؤيديه من الجماعات اليمنية والقيسية من أن يقيم دولة جديدة لمثل الدولة العباسية في بلاد إفريقية.
وكان لتربية إبراهيم بن الأغلب الدينية أثر كبير في ثقافته الظاهرة، فقد كان حافظأ للقران الكريم، فقيها عالما مؤيدا لمذهب أهل السنة، كثير الزيارات لشيخه الذي تتلمذ على يديه وهو الليث بن سعد الفهمي الذي وهب لإبراهيم جارية تدعى جلاجل وهي أم ولده زيادة الله، كما كان شاعرا خطيبا ذا رأي وحزم وباس وعلم بالحروب والمكائد وهذا هو ما قرب بينه وبين الفقهاء من أهل الدين وهذا بدوره أكسبه تأييد الناس فاتخذ من الفقهاء مستشارين له كانوا خير عون له في ضبط أمور الدولة، ودفعها إلى طريق العلم والحضارة والرقي.

الصفحة 34