كتاب تاريخ مملكة الأغالبة

ثم قام أبو العباس محمد بن الأغلب خامس أمراء الأغالبة ببناء جامع سوسة الذي يعتبر من أجمل الأثار المعمارية الإسلامية في إفريقية ومن منشآته أيضا رباط سوسة المعروف بقصر الرباط.
و إذا كان بنو الأغلب قد اعتنوا بالمنشآت الدينية فإن عنايتهم بالمنشآت العسكرية والمدنية لا تقل أهمية، ضد أنشاء الأغالبة الكثير من الأسوار والابراج للمدن وخاصة التي تقع على الساحل، ولا ننسى دارتونس لبناء السفن ودار سوسة لصناعة الأسلحة واللتان كانت لهما أمجاد في تاريخ البحرية الإسلا مية وخاصة في حوض البحر المتوسط وخيرمثال على ذلك فتح جزيرة صقلية.
ومن أشهر المنشآت العسكرية في عصر الأغالبة الرباطات وهي قريبة الشبه بالقصور السابق ذكرها ولكنها كانت تخصص للمجاهدين والمرابطين بين حاميات رسمية وأفراد من المتطوعين ولكن من المعروف أن الرباط كان للأفراد، أما الجند الرسمي فكانت تبنى لهم معسكرات، وقد وصف لنا الأستاذ الدكتور حسين مؤنس الرباطات فقال (" يحيط بالرباط عادة سور مرتفع، تقوم على أركانه وعلى مسافات منه أبراج يقف فيها الحراس، وتوقد فيها النيران وقت الخطر، وقد بقي لنا من رباطات عصر الأغالبة رباط سوسة وهو من بناء زيادة الله بن الأغلب أسسه في سنة 206 ه، وتاريخ الإنشاء مسجل على لوحة من الرخام باعلى مدخل المنار، تقرأ عليها النص التالي مما أمر به الأمير زيادة الله بن إبراهيم أطال الله بقاءه على يد سرور الخادم مولاه في سنة ست ومائتين، اللهم أنزلنا منزلا مبارك وأنت خير المنزلين ") ويقع رباط سوسة على خليج قابس، وهو داخل سور المدينة من ناحية البحر وطول ضلع سوره أربعون مترا تقريبا، ويداخل السور ثلاث قاعات واسعة

الصفحة 38