كتاب تاريخ مملكة الأغالبة

فلما أعلن عبد الرحمن بن حبيب نفسه أميرا على القيروان بعث بطاعته الى أبي جعفر المنصور، ولم يكن لدى الخليفة العباسي حينئذ متسع الوقت للنظر في أمرإفريقية بعناية، فاقره ريثما تسمح ظروفه بالتفرغ للجناح الغربي من دولته الكبيرة ثم طالبه المنصور بالمال، وكان ذلك طبيعيا من المنصور لأنه كان خليفةالمسلمين والمفررض على جميع ولاة الدولة أن يرسلوا للحكومة المركزية بالمال المتبقي من خراج ولاياتهم ليستعين به الخليفة على مطالب الخلافة، وقد فوجىء عبد الرحمن بن حبيب بهذا الطلب لأنه الى ذلك الحين لم يكن صاحب السلطان على إفريقية لكي يستطيع استخراج المال الكافي منها لينفق على إدارتها ومرافقها من ناحية، ثم لكي يرسل ما يتيسر له الى الخلافة، وكان يستطيع أن يشرح أمره للخليفة المنصور ولكن بدلا من ذلك قام عبد الرحمن بن حبيب بنزع شعار السواد، وهو شعار بني العباس، وقطع ذكر اسم المنصور في الخطبة، وهذا أول الأخطاء الكبرى التي وقع فيها عبد الرحمن بن حبيب لأنه ظن أنه يستطيع الئغلب على كل منافسيه في ولاية إفريقية، وفي نفس الوقت كان يعتقد أن الخليفة لا يملك قوة كافية لاستعادة السلطان على إفريقية، إذ لم يكن من المناسب له وهو في مرحلة تثبيت أمره أن ينفصل عن الدولة العباسية ويحمي نفسه من جيوشها، خاصة وقد كان له الكثير من المنافسين من أمثاله في ولاية إفريقية، ثم إن الدولة العباسية كانت شديدة الاهتمام بولاية إفريقية التي كانت تشمل طرابلس وإفريقية والزاب تأمينا لولاية مصر والتي كانت تعتبر من أهم ولايات الدولة الإسلامية سياسيا وعسكريا وماليا
وبعد أن أعلن عبد الرحمن بن حبيب انفصاله عن الدولة العباسية، شرع في تثبيت سلطانه معتمدا على ما كان تحت إمارته من الجند العربي ومن

الصفحة 7