كتاب تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل (اسم الجزء: المقدمة)

ونرى أن إخراج هذا الكتاب لأول مرة يُقدِّم للباحثين مادةً جديدة لدراسة آراء شيخ الإسلام في موضوع الجدل الأصولي، فالكتاب فريدٌ في بابه، لم نجد له مثيلًا في الكتب التي أُلِّفت في الجدل. ثم إن اهتمام الشيخ بنقد كتاب كاملٍ من أهم الكتب المؤلفة على طريقة المتأخرين يزيد من قيمة الآراء والنظرات التي وردت فيها، ونستطيع أن نستخلص منه رأيه في كلّ مبحث من مباحث الجدل. ونرى أن أكثر هذه الأبحاث جديدة لنا، فلم نجد من قبلُ إلا نتفًا مما يتعلق بها في كتبه المعروفة.
وعلى هذا فما في هذا الكتاب من الأبحاث المتعلقة بالتلازم والتنافي والدوران والقياس وتخصيص القياس وتعدية العدم وتوجيه النقوض والتمسك بالنصّ والأمر والنهي والتمسك بالنافي وقول الصحابي والإجماع المركب والاستصحاب وغيرها، وما فيه من الردّ على الجدليين المموّهين في هذه الموضوعات، يدفعنا إلى دراسته دراسة متأنية، والمقارنة بينه وبين ما يشبهها من المباحث في كتبه الأخرى.
ولا يمكننا في هذه المقدمة أن نتناول آراءه في الكتاب بالبحث والتحليل والمقارنة، فهذه مهمة الباحث المتفرغ لهذا الموضوع. وإنما ننبِّه هنا على أمرٍ يجب الاهتمام به عند دراسة آراء الشيخ في الكتاب، وهو أن الشيخ كثيرًا ما يُعقِّب كلامَ البرهان النسفي بما يشرحه ويُوضحه، فلا يُؤخذ منه أنه يؤيِّده وينصره، بدليلِ أنه يأتي فيما بعد بما يُبيِّن فساده من وجوهٍ كثيرة. وكذلك يفعل في ذكر المقصود من منع المعترض وجواب المستدّل (أو النسفي) عنه، فالشيخ يذكر أولًا المقصود من الاعتراض والجواب، ثم يُعقب عليه بكلام من عنده. وأحيانًا يذكر وجوهًا من الاعتراض على لسان المعترض أو المستدل جريًا على طريقة الجدليين، ثم يقول: إنها لا طائل

الصفحة 51