كتاب تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء

الثَّالِث رد على من زعم أَن الْأزْوَاج تركب فِي أجسام أخر غير الَّتِي كَانَت مركبة عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا لكَون الْأَرْوَاح عِنْدهم فِي الْحَيّ النَّاطِق والأجسام ظروف متماثلة فَلَا يُبَالِي بإعادتها
الرَّابِع رد على من قَالَ من أهل الْأَهْوَاء المضلة إِن الْحَيَوَانَات لَا تحيى دون الرؤوس وَلَا يجوز ذَلِك فحييت الرؤوس
الْخَامِس قَوْلهم إِنَّه لَا تكون الإدراكات والحواس إِلَّا فِي الرؤوس على بنية مَخْصُوصَة فأكذبهم الله تَعَالَى بِأَن سَمِعت وَرَأَتْ بإدراكات خلقت فِي بعض أجسامها دون الرؤوس فحييت وَسمعت حِين دعيت وَرَأَتْ وَجَاءَت طائرة بِلَا رُؤُوس وَلَا عُيُون وَلَا آذان وَهَذَا هُوَ مَذْهَب أهل الْحق أَنه لَيْسَ للإدراكات شَرط فِي الْمحل سوى الْحَيَاة
وَأما قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَم أَن الله عَزِيز حَكِيم} فقد يكون أمرا لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام بِأَن يبْقى على معلوماته فِي إِثْبَات عزة الله تَعَالَى وحكمته لَا أَن يستجد علما بِمَا لم يكن يعلم وَيحْتَمل أَن يَأْمُرهُ بِأَن يستجد علوما أخر بأنواع من الْحِكْمَة والعزة لم يكن يعلمهَا قبل
وَأما ذكره الْعِزَّة فِي هَذَا الْمقَام فَهِيَ الغلب والقهر تَقول الْعَرَب من عز بز أَي من غلب سلب فَلَمَّا كَانَ فِي جمع الْمَوْتَى وإحيائهم دفْعَة وَاحِدَة غَايَة الغلب والقهر وَالْحكم وَالْعلم والإتقان والإحكام تمدح البارئ تَعَالَى بصفاته العلى وَعزة قهره فَأمره أَن يتزيد علما بِصِفَات الْجلَال وَالْجمال
وَقد يكون الْأَمر بِالْعلمِ فِيمَا رأى من تفاصيل عجائب الكيفيات فَلَمَّا أطلعه على ذَلِك غَايَة الإطلاع وَعلمه مَا لم يكن يعلم قَالَ لَهُ

الصفحة 101