كتاب تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء

وَجَاء عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ (النَّاس عِيَال الله وأحبهم إِلَى الله أنفعهم لِعِيَالِهِ)
وَالْمَنْفَعَة على ضَرْبَيْنِ دنيوية وأخروية
فالأخروية إرشاد الْمُكَلف وتعليمه مَا يلْزمه من وظائف التَّكْلِيف
والدنيوية معالجة الْمَعيشَة بالأسباب العادية الَّتِي يقوم بهَا أود الْحَاجَات وإبقاء رَمق حَيَاة فقد انحصرت الْمَنْفَعَة الدُّنْيَوِيَّة فِي الْكسْب وَفِيه أَيْضا سَبَب للمنفعة الأخروية فَإِنَّهُ لَوْلَا سد الجوعة وَستر الْعَوْرَة على مُقْتَضى الشَّرْع ومجرى الْعَادة لم تكن الْحَيَاة وَلَا تصورت عبَادَة فأهلا بِالْكَسْبِ وَأَهله فَإِنَّهُم أحب النَّاس إِلَى الله تَعَالَى وَكَيف يعاب الْكسْب أَو يغض من قدره وَقد أثْبته سيد الرُّسُل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنَفسِهِ حَيْثُ قَالَ (جعل رِزْقِي تَحت ظلّ رُمْحِي) يَعْنِي مَا يَأْكُل من الْغَنَائِم بِسَبَب الْكسْب بِالرُّمْحِ وَمَا فَوق مقَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَام
وَأمر الله تَعَالَى دَاوُود عَلَيْهِ السَّلَام بِالْكَسْبِ حَيْثُ قَالَ لَهُ {أَن اعْمَلْ سابغات وَقدر فِي السرد} يَعْنِي سابغات الدروع وَلذَلِك أخبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن دَاوُود عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُل من كَسبه فِي عمل الدروع
وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي الْأَثر أَن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُل من عمل الخوص

الصفحة 134