كتاب تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء

فصل

الْكَلَام فِي إخْوَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام هَل كَانُوا أَنْبيَاء
فَإِن قَالَ قَائِل فَإِذا نزهتم الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام مثل هَذَا التَّنْزِيه فَمَا قَوْلكُم فِي إخْوَة يُوسُف عَلَيْهِم السَّلَام وَقد قَالَ بعض من يؤبه لَهُ من الْمُفَسّرين والمؤرخين الْقَائِلين بِغَيْر دَلِيل بِأَنَّهُم كَانُوا أَنْبيَاء
فَالْجَوَاب أَن إخْوَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام عِنْدَمَا واقعوا مَا واقعوه مَعَ أخيهم وأبيهم لم يَكُونُوا أَنْبيَاء وأمناء الله وَرُسُله وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن الْكتاب الْعَزِيز جَاءَ بِأَنَّهُم واقعوا كَبَائِر وصغائر وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على أَن الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام معصومون من الْكَبَائِر وَاخْتلفُوا فِي الصَّغَائِر وَقد أَقَمْنَا الدَّلِيل على عصمتهم من الصَّغَائِر بِمَا فِيهِ مقنع فِيمَا تقدم
فَأَما جملَة مَا ارتكبوه مِنْهَا فَفِي عشْرين آيَة من قَوْله تَعَالَى مخبرا عَن أَبِيهِم أَنه قَالَ ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام {لَا تقصص رُؤْيَاك على إخْوَتك فيكيدوا لَك كيدا} إِلَى قَوْله تَعَالَى مخبرا عَن نَفسه {وَمَا كنت لديهم إِذْ أَجمعُوا أَمرهم وهم يمكرون} فتتبع الْآي تَجِد الْعدَد الْمَذْكُور فَمَا أحيلك على مُبْهَم وَلَا على خبر ضَعِيف الْإِسْنَاد وَمَعْلُوم أَن الله عز وَجل مَا أطلق هَذِه الْأَقْوَال وأمثالها على أنبيائه وأصفيائه فِي كتاب وَلَا سنة وَلَا أَمر بإطلاقها عَلَيْهِم وَلَا باعتقادها فيهم

الصفحة 138