كتاب تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء

حَتَّى لَا يفوت ابْن آدم عمل من أَعمال الْمَلَائِكَة مَعَ مَا جَاءَ فِي الْأَخْبَار من الحض عَلَيْهَا وتعظيم الْوَعْد والوعيد على فعلهَا وَتركهَا فِي كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله
وَأَيْضًا فَإِن فروض الصَّلَاة أَكثر من سَائِر الْأَعْمَال كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى عِنْد تعداد فروضها وَقد قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (إِن الله يَقُول مَا تقرب إِلَيّ عَبدِي بِمثل أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِ) فَمَا كَانَت الطَّاعَة أَكثر فروضا كَانَت أفضل
وَأما ظُهُور نَبينَا عَلَيْهِ السَّلَام وتقدمه فِي ذَلِك الْمحل فَلَا تحويه الرقوم وَلَا تحيط بِهِ ثاقبات الفهوم لَكنا نقتصر مِنْهُ على بعض مَا تضمنه إكرام الله تَعَالَى لَهُ فِي امْر الصَّلَاة وَالله الْمُسْتَعَان وَهُوَ يَنْقَسِم أَرْبَعَة عشر قسما
أَحدهَا أَنه كَانَ وافدا على الله تَعَالَى وضيف الْكَرِيم كريم فأتحفه بِهَذِهِ التُّحْفَة الَّتِي هِيَ أم الطَّاعَات وَرَأس الْمُعَامَلَات كَمَا تقدم
الثَّانِي أَن فَرضهَا خمسين وَفِي معلومه تَعَالَى نسخ تِسْعَة أعشارها ليظْهر جاهه عِنْد الْمَلأ الْأَعْلَى فِي السُّؤَال والإجابة فَلَو فرض الْخَمْسَة فِي أول وهلة لم يظْهر ذَلِك الجاه كَمَا لَو قدرت كَرِيمًا وَفد على ملك عَظِيم فَأحْسن لَهُ كَمَا يَنْبَغِي لسعة مَمْلَكَته ثمَّ أمره أَن يلْزم قومه خمسين وَظِيفَة ثمَّ قبل شَفَاعَته فِي أَكْثَرهَا أَتَرَى كَانَ يخفى على وزراء ذَلِك الْملك وحاشيته مَكَان هَذَا الْوَافِد عَلَيْهِ الثَّالِث أَنه لم يحطهَا عَنهُ جملَة بل نجمها عَلَيْهِ تسع مَرَّات وَذَلِكَ ليؤكد

الصفحة 153