كتاب تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء

إكرامه عِنْد الْمَلَائِكَة حَتَّى يعلمُوا بَسطه لَهُ وباينه فِي تكْرَار الْإِسْعَاف مَعَ تكْرَار السُّؤَال
الرَّابِع أَنه لم يحظه فِي هَذَا التّكْرَار إِلَّا بعد أَن فَارق الْبسَاط وَانْصَرف ثمَّ رَجَعَ وَذَلِكَ زِيَادَة فِي الْإِكْرَام وَذَلِكَ أَن الْوُفُود إِذا فَارَقت بِسَاط الْمُلُوك بعد قَضَاء الْحَوَائِج لَا يَنْبَغِي لَهَا أَن ترجع فِي طلب حوائج أخر فلئن رَجَعَ وَافد مِنْهُم فِي طلب حَاجَة أُخْرَى فَهُوَ أدل دَلِيل على تَأْكِيد كَرَامَة هَذَا الرَّاجِح فِي طلب الْحَاجة الْأُخْرَى فأعجب بهَا كَرَامَة إِذْ رَجَعَ تسع مَرَّات فأسعفه الْملك فِي كلهَا وأعجب من ذَلِك أَنه تَعَالَى لم يسعفه تسع مَرَّات إِلَّا فِي جنس وَاحِد وَأَنه قد تصلح الْمُرَاجَعَة فِي المختلفات فَأكْرم بهَا إِذْ كَانَت فِي الْجِنْس الْوَاحِد
الْخَامِس أَنه تَعَالَى لما علم أَنه لَا يسعفه فِي حط شَيْء من الْخَمْسَة ألْقى عَلَيْهِ الْحيَاء فَقَالَ لَهُ مُوسَى ارْجع إِلَى رَبك فَقَالَ إِنِّي أستحيي فَلَو رَجَعَ وَلم يسعفه لانخرم نظام الجاه فبمَا قدمْنَاهُ من الْكَرَامَة وَفِي ذكره الْحيَاء أَيْضا لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أدب مَعَه ليعلمه أَن الرَّأْي مَا رَآهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَوْلَا أَنه مَنعه الْحيَاء
نور الله صدورنا وعقولنا وأعاننا على تَعْظِيم الأكابر وإبراز بعض مناقبهم السّنيَّة
السَّادِس وَهُوَ أَن حط عَنهُ وَعَن أمته مُعظم الكلفة وَأبقى لَهُم أجر الْعدَد كَمَا سبق حِين قَالَ (هِيَ خمس وَهِي خَمْسُونَ مَا يُبدل القَوْل لدي) يَعْنِي خمْسا فِي الْعدَد وَخمسين فِي الأجور
السَّابِع أَنه بشره أَن سَائِر أَعمال الْبر الْمَفْرُوض والمنذور تجْرِي على حكم الصَّلَاة وتضعيف الأجور من قَوْله (وَمن هم بحسنة فعملها كتبت عشرا)

الصفحة 154