كتاب طبقات القراء السبعة وذكر مناقبهم وقراءاتهم

قال: «وتدري ما ذاك»، قال: لا، قال: «تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها، لا تتوارى منها (¬1)» (¬2).
فما ظنكم بهذا الفضل وفوقه، ومن تدنو الملائكة إلى صوته، وكيف لا يتنافس في شيء فينال به النعيم، ويرقى بها السليم، وينتكب صاحبه الشيطان الرجيم، الكلمة للخائف منه أمان، وللنجاة ضمان.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّ هذا القرآن مأدبة الله، فتعلّموا مأدبته ما استطعتم، إنّ هذا القرآن حبل الله المتين، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسّك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوجّ فيقوّم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق على كثرة الردّ، فاتلوه فإنّ الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول: الم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر» (¬3).
وعنه صلى الله عليه وسلم قال: «عرضت عليّ الذنوب فلم أر فيها شيئا أعظم من حامل القرآن وتاركه» (¬4).
¬__________
(¬1) في الأصل: (عنها)، والمثبت من البخاري.
(¬2) أخرجه البخاري معلقا عن الليث (5018)، وأخرجه مسلم (796) بمعناه مطولا، وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص/ 63 - 64)، بنحوه.
(¬3) أخرجه بهذا اللفظ أبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص/ 49 - 50).
وأخرجه عبد الرزاق (6017)، وابن أبي شيبة (10/ 483)، والدارمي (3358)، والطبراني في «الكبير» (9/ 130) (8646)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1985)، والحاكم (1/ 555)، مع اختلاف في رفعه ووقفه وسياقه.
وأخرج الجزء الأخير منه ابن الضريس في «فضائل القرآن» (ص/ 46 - 47)، باختلاف في بعض ألفاظه.
قال الحاكم (1/ 555): صحيح الإسناد. وتعقبه الذهبي بقوله: إبراهيم بن مسلم ضعيف. وقال ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (1/ 109): هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويشبه أن يكون من كلام ابن مسعود.
قال الهيثمي (7/ 164): رواه الطبراني، وفيه مسلم بن إبراهيم الهجري، وهو متروك.
(¬4) أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 479)، عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث بهذا اللفظ، وهو جزء من حديث أخرجه بمعناه أبو داود (461)، والترمذي (2916)، وأبو يعلى (4265)، وابن خزيمة (1297)، من طريق ابن جريج عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس.-

الصفحة 41