كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

يروَن به الرحمنَ جلَّ جلالُه ... كرؤية بدْرِ التِّمِّ لا يُتَوهَّمُ
أو الشمس صحوًا ليس من دون أُفْقِها ... ضَبابٌ ولا غَيْمٌ هناكَ يُغيِّمُ
وبيناهمُ في عيشهم وسرورهم ... وأرزاقُهم تُجرى عليهم وتُقسَمُ
إذا هُمْ بنورٍ ساطع قد بدا لهم ... فقيل: ارفعوا أبصاركم، فإذا هُمُ
بربِّهِمُ مِن فوقِهمْ وهو قائلٌ: ... سلامٌ عليكم طبتُمُ وسلِمتُمُ
فياعجبًا، ما عذرُ من هو مؤمنٌ ... بهذا ولا يسعى له ويُقدِّمُ
فبادِرْ إذًا ما دام في العمر فسحةٌ ... وعَدْلُك مقبولٌ وصَرْفُك قيِّمُ
فما فرحتْ بالوصل نفسٌ مَهينةٌ ... ولا فاز قلبٌ بالبطالة يَنعَمُ
فجِدَّ وسارعْ واغتنِمْ ساعةَ السُّرى ... ففي زمن الإمكان يُسْعَى ويُغنَمُ (¬١)
وسِرْ مسرعًا فالسَّيلُ (¬٢) خلفك مسرعٌ ... وهيهاتَ ما منه مفرٌّ ومهزَمُ
فهنَّ المنايا أيُّ واد نزلتَه ... عليها القدومُ أو عليك ستقدَم
وإن تكُ قد عاقتْك سُعدى فقلبُك الـ ... ـمُعَنَّى رهينٌ في يديها مسلَّمُ
وقد ساعدتْ بالوصل غيرَك فالهوى ... لها منكَ والواشي بها يتنعَّمُ
فدَعْهَا وسلِّ النفسَ عنها بجنَّةٍ ... من الفقر في روضاتها الدرُّ يَبسمُ
ومن تحتها الأنهارُ تخفِق دائمًا ... وطيرُ الأماني فوقها يترنَّمُ
---------------
= وفي حادي الأرواح بالقاف.
(¬١) "ط": "تسعى وتغنم".
(¬٢) "ط": "فالسير"، تحريف.

الصفحة 109