كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

كما يُدخِل الإنسانُ في اليمِّ إصبعًا ... وينزعُها منه فما ذاك يغنمُ
ألا ليتَ شعري هل أبيتَنَّ ليلةً ... على حذرٍ منها وأمريَ مُحكمُ
وهل أَرِدَنَ ماءَ الحياةِ وأرتوي ... على ظمأٍ من حوضه وهو مُفعَمُ
وهل تبدوَنْ أعلامُهم بعدما سَفَتْ ... عليها السوافي (¬١) تستبينُ وتُعلَمُ
وهل أفرُشَنْ خدِّي ثرى عتَباتِهم ... خضوعًا لهم كيما يرِقُّوا ويرحموا
وهل أَرَيَنْ نفسي طريحًا ببابهم ... وطيرُ أماني الحبِّ فوقي تُحَومُ
فوا أسفا تفنى الحياةُ وتنقضي ... وعتبُكُم باقٍ، بقيتُمْ وعِشْتُمُ
فما منكمُ بدٌ ولا عنكمُ غنًى ... وما لِيَ من صبرٍ فأسلوَ عنكمُ
فمن شاءَ فليغضبْ سواكم فلا إذًا (¬٢) ... إذا كنتمُ عن عبدكم قد رضيتمُ
وعُقْبَى اصطباري في رضاكم حميدةٌ ... ولكنها عنكم عِقَابٌ ومَغرمُ (¬٣)
وما أنا بالشاكي لما ترتضونه ... ولكنني أرضى به وأسلمُ
وحسب انتسابي من بعيدٍ إليكمُ ... وذلك حظٌ مثلُهُ يتيمَّمُ
إذا قيل: هذا عبدهم ومحبُّهم ... تهلَّلَ بِشرًا ضاحكًا يتبسَّمُ
وها هو قد أبدى الضراعةَ قائلٌ (¬٤) ... لكم بلسان الحال والحالُ يُعلَمُ
---------------
(¬١) السوافي: الرياح التي تحمل الغبار وتذرو التراب.
(¬٢) "ط": "أذى"، خطأ.
(¬٣) "ط": "رضاكم هوى لكم حميد ولكنه عقاب".
(¬٤) كذا في الأصل وغيره. وفي "ط": "قائلًا".

الصفحة 113