كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

المطلوب (¬١) بُعْدُه، وهو المعينُ على دفعه. فهو سبحانه الجامع للأمور الأربعة دون ما سواه، وهذا معنى قول العبد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة/ ٥]، فإنَّ العبادة (¬٢) تتضمن المقصود المطلوبَ على أكمل الوجوه، والمستعان هو الذي يُستعان به على حصول المطلوب ودفع المكروه. فالأول من مقتضى ألوهيته، والثاني من مقتضى ربوبيته؛ لأن الإله هو الذي يُؤلَه فيعبَدُ محبَّةً وإنابةً وإجلالًا وإكرامًا، والرب هو الذي يرُب عبدَه فيعطيه خَلْقَه، ثمَّ يهديه إلى جميع أحواله ومصالحه التي بها كمالُه، ويهديه إلى اجتناب المفاسد التي بها فسادُه وهلاكُه.
وفي القرآن سبعة مواضع تنتظم هذين الأصلين:
أحدها: قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة/ ٥].
الثاني: قوله تعالى: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)} [هود/ ٨٨].
الثالث: قوله تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود/ ١٢٣].
الرَّابع: قوله تعالى: {عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا} [الممتحنة/ ٤].
الخامس: قوله: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} [الفرقان/ ٥٨].
السادس: قوله: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (٣٠)} [الرعد/ ٣٠].
السابع: قوله: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (٨) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا
---------------
(¬١) "ط": "والمطلوب" وقد صحح في القطرية.
(¬٢) "ط": "هذه العبادة".

الصفحة 117