كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
استخدام بني جنسه، وسخَّر له الخيل والإبل، وسلَّطه على دواب الماءِ، واستنزال الطير من الهواء، وقهرِ الوحوش (¬١) العادية، وحفر الأنهار، وغرس الأشجارِ، وشقِّ الأرض، وتعلية البناءِ، والتحيّل على جميع مصالحه (¬٢)، والتحرز والتحفظ ممَّا (¬٣) يؤذيه = ظن المسكينُ أنَّ له نصيبًا من الملك، وادَّعى لنفسه ملكةً (¬٤) مع اللَّه، ورأى نفسه بغير تلك العين الأولى، ونسي ما كان فيه من حالة الإعدام والفقر والحاجة، حتَّى كأنَّه لم يكن هو ذلك الفقير المحتاج المضطر (¬٥)، بل كان ذلك شخصًا آخر غيرَه؛ كما روى (¬٦) الإمام أحمد في مسنده من حديث بُسْر (¬٧) بن جِحَاش القرشي أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بصق يومًا في كفِّه فوضع عليها إصبعه ثمَّ قال: "قال اللَّه عزَّ وجلّ: بُنَيَّ (¬٨) آدم، أنَّى تعجزني! وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بُردين، وللأرض منك وئيد (¬٩)، فجمعتَ
---------------
(¬١) "ك، ط": "الوحش".
(¬٢) "جميع" ساقط من "ك، ط".
(¬٣) "ط": "لما".
(¬٤) "ط": "ملكًا".
(¬٥) "المضطر" ساقط من "ك، ط"، وفي "ك": "والمحتاج".
(¬٦) "ف": "أخبر"، خلاف الأصل.
(¬٧) كذا بالسين المهملة في الأصل. وفي غيره بالمعجمة، قال ابن منده: أهل العراق يقولون "بسر" بالمهملة، وأهل الشام يقولونه بالمعجمة. وقال الدَّارقطني وابن زبر وابن ماكولا: لا يصح بالمعجمة، أمَّا أبوه "جحاش" فضبط في الأصل بكسر الجيم، ويقال أيضًا بفتحها وتثقيل الحاء.
انظر: الإصابة (١/ ٢٩١)، وتوضيح المشتبه (١/ ٥٢١). وفي "ن" حاشية لم تظهر كاملة في المصورة، أشير فيها إلى قول ابن منده.
(¬٨) "ط": "يا ابن آدم".
(¬٩) الوئيد: صوت شدّة الوطء على الأرض يُسمع كالدويّ من بُعد.
الصفحة 15
1116