كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ومنعتَ، حتى إذا بلغتِ التراقي قلتَ: أتصدّق، وأنَّى أوانُ الصدقة! " (¬١).
ومن ههنا خُذِلَ مَن خُذِلَ ووُفِّقَ مَنْ وُفِّقَ، فحُجب المخذول عن حقيقته وأُنسيَ (¬٢) نفسه، فنسي فقره وحاجته وضرورَته إلى ربه، فطغى وبغى (¬٣) وعتا، فحقّت عليه الشقوة. قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧)} [العلق/ ٦ - ٧] وقال: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)} [الليل/ ٥ - ١٠].
فأكملُ الخلقِ أكملُهم عبودية وأعظمهم شهودًا لفقره وحاجته (¬٤) وضرورته إلى ربه وعدم استغنائه عنه طرفة عين. ولهذا كان من دعائه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أصلحْ لي شأني كلَّه، ولا تكِلْني إلى نفسي طرفةَ عين، ولا إلى أحدٍ مِن خَلْقِك" (¬٥).
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (١٧٨٤٢)، وابن ماجه (٢٧٠٧)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٨٦٩، ٨٧٠)، والحاكم (٢/ ٥٤٥) (٣٨٥٥) وغيرهم.
وفيه عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي. قال ابن المديني: مجهول، لم يرو عنه غير حريز. وقال ابن حجر: مقبول. وقد روى عنه جماعة. وقال أبو داود: شيوخ حريز كلهم ثقات. ووثَّقه العجلي وابن حبان.
والحديث صحح إسناده الحاكم والبوصيري وابن حجر. انظر: مصباح الزجاجة (٣/ ١٤٣)، والإصابة (١/ ١٥٣). (ز).
(¬٢) "ك، ط": "نسي".
(¬٣) "وبغى" ساقط من "ط".
(¬٤) "ك، ط": "ضرورته وحاجته".
(¬٥) أخرجه أحمد (٢٠٤٣٠) مطولًا، وأبو داود (٥٠٩٠)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٦٥١)، وابن حبان (٩٧٠) مختصرًا، والطيالسي في مسنده (٩١٠) وغيرهم. وليس عندهم: "ولا إلى أحد من خلقك". =

الصفحة 16