كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
ثمّ النَّاس في قطع هذه المراحل قسمان:
فقسم قطعوها مسافرين فيها إلى دار الشقاءِ، فكلَّما قطعوا مرحلةً منها (¬١) قربوا من تلك الدَّار، وبعدوا عن ربهم وعن دار كرامته. فقطعوا تلك المراحل بمساخط الرب ومعاداته، ومعاداة رسله وأوليائه ودينه، والسعي في إطفاء نوره، وإبطال دعوته -دعوة الحق (¬٢) - وإقامة دعوة غيرها. فهؤلاءِ جعلت أيَّامهم مراحل (¬٣) يسافرون فيها (¬٤) إلى الدار التي خلقوا لها، واستعملوا بعملها (¬٥)، فهم مصحوبون فيها بالشياطين الموكلة بهم حتى يسوقونهم (¬٦) إلى منازلهم سوقًا، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم/ ٨٣] أي تزعجهم إلى المعاصي والكفرِ إزعاجًا، وتسوقهم سوقًا.
القسم الثاني: قطعوا تلك المراحل سائرين فيها (¬٧) إلى اللَّه وإلى دار السلام. وهم ثلاثة أقسام: ظالمٌ لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات بإذن اللَّه. وهؤلاء كلهم مستعدون للسير موقنون بالرجعى إلى اللَّه، ولكن متفاوتون في التزود وتعبئة الزاد واختياره، وفي نفسِ السير وسرعته وبطئه.
---------------
(¬١) "ك، ط": "منها مرحلة".
(¬٢) "دعوة الحق" ساقط من "ط".
(¬٣) "مراحل" ساقط من "ط".
(¬٤) "ب": "بها".
(¬٥) "ك": "بها بعملها". "ط": "بها"، وأسقط "بعملها".
(¬٦) "ب": "يسوقوهم". وقد أسقط "حتى" من "ط".
(¬٧) "فيها" ساقط من "ب".