كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ} [الأعراف/ ٨ - ٩]، وقوله: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨)} (¬١) [القارعة/ ٨ - ٩]. فكيف يذكر وعده بجنَّاته وكرامته للظالمين أنفسَهم، الخفيفة موازينُهم؟
قالوا: وأيضًا فقوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} [فاطر/ ٣٣] (¬٢) مرفوع، لأنَّه بدل من قوله: {ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر/ ٣٢]، وهو بدل نكرة من معرفة، كقوله: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [العلق/ ١٥ - ١٦] وحسَّن وقوعَه مجيءُ النكرة موصوفةً لِتخصُّصها (¬٣) بالوصفِ وقربها من المعرفة. ومعلومٌ أنَّ المبدل منه وهو "الفضل الكبير" مختص بالسابقين بالخيرات، والمعنى أنَّ سبقَهم بالخيرات بإذنه (¬٤) هو (¬٥) الفضل الكبير، وهو جنَّات عدن يدخلونها؛ وجعل السبق بالخيرات نفسَ الجنَّات لأنَّه سببها وموجبها.
قالوا: وأيضًا فإنَّه وصفَ حليتَهم فيها بأنَّها أساور من ذهبٍ ولؤلؤ، وهذه جنَّات السابقين لا جنَّات المقتصدين. فإنَّ جنَّات الفردوس أربع، كما ثبت في الصحيح عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "جنَّتان من ذهبٍ آنيتُهما وحِليتُهما وما فيهما. وجنَّتان من فضة آنيتهما وحليتهما وما فيهما. وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربِّهم إلا رداءُ الكبرياءِ على وجهه في جنَّة
---------------
(¬١) وقع في الأصل وغيره من النسخ: "ومن خفت. . . "، وهو سهو.
(¬٢) "يدخلونها" ساقط من "ك، ط".
(¬٣) كذا في الأصلِ، وفي غيره: "لتخصيصها".
(¬٤) أشار في حاشية "ط" إلى أن في الأصل بياضًا بعد "بإذنه". ولكن لا بياض في النسخ التي بين أيدينا.
(¬٥) "ك، ط": "ذلك هو".