كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (٣) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (٦) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧)} [الواقعة/ ٢ - ٧].
وأمَّا سورة الإنسان فقال تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (٤)}، فهؤلاء الظالمون أصحاب المشأمة. ثمَّ قال: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥)}، فهؤلاء المقتصدون أصحاب اليمين. ثمَّ قال: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (٦)}، فهؤلاء المقربون السابقون، ولهذا خصَّهم بالإضافة إليه، وأخبرَ أنَّهم يشربون بتلك العين صِرفًا محضًا (¬١)، وأنَّها تُمزَج للأبرار مزجًا، كما قال في سورة المطففين في شراب الأبرار: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨)}.
وقال: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨)} ولم يقل: "منها"، إشعارًا بأنَّ رِيَّهم (¬٢) بالعينِ نفسِها خالصةً لا بها وبغيرها. فضمّن "يشرب" معنى "يروى"، فعدَّى بالباء. وهذا ألطف مأخذًا وأحسن معنى من أن تُجعل الباءُ بمعنى"من"، ولكن (¬٣) يُشرَب الفعلُ معنى فعل آخرَ فيعدَّى (¬٤) تعديته. وهذه طريقة الحذَّاق من النحاة، وهي طريقة سيبويه وأئمة أصحابه (¬٥). وقال في الأبرار: {مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا}
---------------
(¬١) "ب، ك": "محضة".
(¬٢) "ط": "شربهم".
(¬٣) "ط": "ويضمن"، خطأ.
(¬٤) "ك": "فتعدَّى"، "ط": "فيتعدى".
(¬٥) انظر نحو هذا الكلام في بدائع الفوائد (٤٢٤)، وحادي الأرواح (٢٦٤)، وانظر: مقدمة في أصول التفسير (٥٢)، ومجموع الفتاوى (١١/ ١٧٨)، والتبيان في أقسام القرآن (٩٥)، والخصائص لابن جني (٢/ ٣٠٨ - ٣١١)، =

الصفحة 421