كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

مُرِيبٍ (١٤)} [الشورى/ ١٤] كيف حذف الفاعلَ هنا، وبنى الفعلَ للمفعول، لما كان في معرض الذمِّ لهم ونفيِ العلمِ عنهم. ولمَّا كان في سياق ذكر نعمه وآلائه ومننه (¬١) عليهم قال: {وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (٥٣)} [غافر/ ٥٣]. ونظيره هذه (¬٢) الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر/ ٣٢].
ومن ذلك قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} [الأعراف/ ١٦٩] فإنَّه (¬٣) لمَّا كان الكلام في سياق ذمّهم على اتباعهم (¬٤) شهواتهم، وإيثارهم العرضَ الفاني على حظّهم من الآخرة، وتماديهم في ذلك؛ لم ينسب التوريثَ إليه، بل نسبه إلى المحلّ، فقال: "ورثوا الكتاب"، ولم يقل: "أورثناهم الكتاب".
وقد ذكرتُ نظير هذا في قوله: {آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} [البقرة/ ١٢١] أنَّه للمدح، و {أُوتُوا الْكِتَابَ} (¬٥) إمَّا في سياق الذمِّ، وإمَّا منقسم، في كتاب "التحفة المكية" (¬٦).
---------------
(¬١) "ط": "منته".
(¬٢) "ط": "ونظير هذه".
(¬٣) "ب، ك، ط": "وأنَّه".
(¬٤) "ب": "اتباع".
(¬٥): "أورثوا"، "ك، ط": "أورثوا الكتاب"، تحريف.
(¬٦) سمَّاه في بدائع الفوائد (١٥٩٧) "التحفة المكية في بيان الملة الإبراهيمية". وقد تكلَّم المؤلف في هذا الموضوع في بدائع الفوائد (٧٢٥) أيضًا، ولكنَّه أحال هناك في بيان الفرق بين {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} و {الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب} على كتاب "الفوائد المكية".

الصفحة 425