كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وبطن فكان أقرب إلى كلِّ شيء من نفسه، وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه، وكل شيء في قبضته، وليس (¬١) في قبضة نفسه، فهذا قرب الإحاطة العامة (¬٢).
وأما القرب المذكور في القرآن والسنة فقربٌ خاصٌّ من عابديه وسائليه وداعيه، وهو من ثمرة التعبد باسمه "الباطن"، قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة/ ١٨٦]، فهذا قربه من داعيه.
وقال تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف/ ٥٦] فذكَّر (¬٣) الخبر -وهو"قريب"- عن لفظ "الرحمة" وهي مؤنثة إيذانًا بقربه تعالى من المحسن (¬٤)، فكأنَّهُ قال: إنَّ اللَّه برحمته قريبٌ من المحسنين (¬٥).
وفي الصحيح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬٦): "أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد" (¬٧) و"أقرب ما يكون الرب من عبده في جوف الليل" (¬٨)، فهذا
---------------
(¬١) "ط": "وليس شيء".
(¬٢) "ط": "أقرب للأحاطة العامة"، غلط.
(¬٣) في الأصل: "فوحد"، وهو سهو، وكذا في "ف، ن".
(¬٤) "ك، ط": "المحسنين".
(¬٥) وانظر كلامًا مستفيضًا للمؤلف على هذه المسألة في بدائع الفوائد (٨٦٢ - ٨٨٩). وانظر أيضًا: رسالتي الروذراوري وابن مالك (ط سليمان العايد) ورسالة ابن هشام (ط الحموز).
(¬٦) زاد في "ط": "قال".
(¬٧) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه. أخرجه مسلم في كتاب الصلاة (٤٨٢).
(¬٨) أخرجه الترمذي (٣٥٧٩)، والنسائي (٥٧٢)، وابن خزيمة في صحيحه (١١٤٧)، والحاكم في المستدرك (١/ ٤٥٣) (١١٦٢) وغيرهم. قال الترمذي: =

الصفحة 43