كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

على ذلك إلى آخره، فجوابه من وجهين:
أحدهما: أنَّ هذا بعينه وارد عليكم، فإنَّ المقتصد من أهل الجنَّات، ومعلوم أنَّ جنَّات السابقين بالخيرات أعلى وأفضل من جنَّاته (¬١). فما كان جوابكم عن المقتصد فهو الجواب بعينه عن الظالم لنفسه، فإنَّ التفاوت حاصل بين جنَّات الأصناف الثلاثة، ويختصُّ كلُّ صنفٍ بما يليق بهم (¬٢) ويقتضيه مقامُهم وعلمهم.
الجواب الثاني: أنَّه سبحانه ذكر جزاءَ السابقين بالخيرات هنا مشوِّقًا لعباده إليه منبِّهًا لهم على مقداره وشرفه، وسكت عن جزاءِ الظالمين لأنفسهم والمقتصدين، ليحذر الظالمون ويجدَّ (¬٣) المقتصدون.
وذكر في سورة الإنسان جزاءَ الأبرار منبِّهًا به (¬٤) على ما هو أعلى وأجل منه، وهو جزاءُ المقرَّبين السابقين، ليدلّ على أنَّ هذا (¬٥) إذا كان جزاء الأبرار (¬٦) المقتصدين فما الظنّ بجزاءِ المقربين السابقين؟ فقال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥)} إلى قوله: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (١٥) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ} إلى قوله: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (٢١)} [الإنسان/ ٥ - ٢١].
---------------
(¬١) "ب": "جنات الظالم"، خطأ.
(¬٢) "ف": "به" سهو.
(¬٣) "ب": "يحذر"، تحريف.
(¬٤) "به" ساقط من "ط".
(¬٥) "ب": "أنَّه".
(¬٦) "ط": "للأبرار".

الصفحة 435