كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
فروى ابن مردويه في تفسيره من حديث سفيان، عن الأعمش، عن رجل، عن أبي ثابت أنَّ رجلًا دخل المسجد، فقال: اللَّهم ارحمْ غربتي، وآنسْ وحشتي، وسُقْ لي جليسًا صالحًا، فقال أبو الدرداء: إنْ كنت صادقًا أنا (¬١) أسعد بذلك منك، سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ هذه الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر/ ٣٢] قال: "أمَّا السابق بالخيرات فيدخل (¬٢) الجنَّة بغير حساب، وأمَّا المقتصد فيحاسَب حسابًا يسيرًا، وأمَّا الظالم لنفسه فيحاسب (¬٣) في المقام حتى يدخله الهمّ والحزن، ثمَّ يدخل الجنَّة". ثمَّ قرأ هذه الآية: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤)} (¬٤) [فاطر/ ٣٤].
وقد ذكرنا فيما تقدّم حديث ابن أبي ليلى (¬٥)، عن أخيه عيسى، عن أبيه، عن أسامة بن زيد في قوله: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} [فاطر/ ٣٢] قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلُّهم من هذه الأمة" (¬٦).
وروى ابن مردويه أيضًا من حديث الفضل بن عميرة القيسي (¬٧)، عن ميمون بن سِياه، عن أبي عثمان النهدي قال: سمعتُ عمر بن الخطاب يقول على المنبر: سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "سابقنا سابقٌ،
---------------
(¬١) "ط": "لأنا". "ب": "لئن. . . لأنا".
(¬٢) "ك، ط": "فيدخله".
(¬٣) "ب، ط": "فيحبَس".
(¬٤) تفسير الطبري (٢٢/ ١٣٧).
(¬٥) "ط": "حديث أبي ليلى".
(¬٦) تقدم في ص (٤١٠).
(¬٧) "ب، ك، ط": "عمرة العبسي"، تحريف.