كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وآسِره، وكالدابّة الريّضة (¬١) المنقادة في يد سائسها وراكبها، فهي منقادة معه حيث قادها، فإذا رام التقدّم جمَزَتْ (¬٢) به وأسرعت، فإذا (¬٣) أرسلها سارت به وجرت في الحَلْبة إلى الغاية ولا يردّها شيء، فتسير به وهو ساكن على ظهرها؛ ليس كالذي نزل عنها فهو يجرّها بلجامها، ويشحَطها ولا تنشحط (¬٤). فشتَّان ما بين المسافرين! فتأمَّل هذا المثل، فإنَّه مطابق لحال السائرين (¬٥) المذكورين، واللَّه يختصّ برحمته من يشاء.

فصل
ومن شأن القوم أن تنسلخ نفوسهم من التدبير والاختيار الذي يخالف تدبير ربّهم (¬٦) تعالى واختياره، بل قد سلَّموا إليه سبحانه التدبيرَ كلَّه، فلم يزاحم (¬٧) تدبيرُهم تدبيرَه ولا اختيارُهم اختيارَه، لتيقنهم أنَّه الملك القاهر القابض على نواصي الخلق، المتولِّي لتدبير (¬٨) أمر العالم كلِّه، وتيقّنِهم مع ذلك أنَّه الحكيم في أفعاله الذي لا تخرج أفعاله عن الحكمة والمصلحة والرحمة. فلم يُدخلوا أنفسهم معه في تدبيره لملكه وتصريفِه
---------------
(¬١) "ب": "الرضيّة"، تحريف.
(¬٢) أي: وثبت وأسرعت. والجمزى: ضرب من السير سريع.
(¬٣) "ب": "وإذا".
(¬٤) أي: يسحبها ويمرّغها، فلا تنسحب. من كلام العامّة انظر: متن اللغة "شحط" (٣: ٨٣). وفي "ك": "يتشحّط".
(¬٥) "ف": "السالكين"، سهو.
(¬٦) "ب، ك، ط": "تدبيره".
(¬٧) "ط": "فلا يزاحم".
(¬٨) "ط": "تدبير".

الصفحة 471