كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

فلم يكن يأمره إلا بخيرٍ أكملَ من حال عمر حيث كان الشيطان إذا رآه يفرّ (¬١) منه، وكان إذا سلكَ فجًّا سلك فجًّا (¬٢) غير فجِّه (¬٣).
وبهذا خرج الجواب عن السؤال المشهور وهو: كيف لا يقف الشيطان لعمر بل يفرّ منه، ومع هذا قد تفلَّت على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وتعرَّض له وهو في الصلاة، وأراد أن يقطع عليه صلاته (¬٤)، ومعلومٌ أنَّ حال الرسول أكمل وأقوى؟ والجوابُ ما ذكرناه أنَّ شيطان عمر كان يفرّ (¬٥) منه، فلا يقدر أحدهما على قهر صاحبه. وأمَّا الشيطان الذي تعرَّض للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد أخذه وأسره وجعله في قبضته كالأسير. وأين مَن يهرب منه عدوُّه فلا يظفر به إلى مَن يظفر بعدوّه، فيجعله في أسره وتحت قبضته (¬٦)؟
فهذا ونحوه ممَّا احتجَّ به أرباب هذا القول.
وأحتجَّ أرباب القول الثاني -وهم الذين رجَّحوا من لا منازعة في
---------------
= من حديث ابن مسعود ثمَّ عائشة رضي اللَّه عنهما. (ز).
(¬١) "ف، ك": "نفَر"، تصحيف.
(¬٢) "فجًّا" ساقط من "ط".
(¬٣) كما في الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه عنه. أخرجه البخاري في كتاب فضائل أصحاب النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٦٣٨٣)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣٩٦).
(¬٤) "ط": "الصلاة". والحديث في الصحيحين. أخرجه البخاري في كتاب الصلاة (٤٦١) ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة (٥٤١) عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(¬٥) "ف": "نفر"، تصحيف.
(¬٦) "ب": "تحت قهره وقبضته". "ك، ط": "تحت يده وقبضته".

الصفحة 499