كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

منازعٍ ولا جاذب (¬١) ولا معارض هو صحّتُه وحياتُه ونعيمُه. فكيف يكون القلبُ الذي يعرض له مرض فهو (¬٢) مشغول بدوائه أفضلَ من القلب الذي لا داء به ولا علَّة؟
قالوا: وأيضًا فهذه الدواعي والميول والإرادات التي في القلب تقتضي جذبَه وتعويقه عن وجهة (¬٣) سيره، وما فيه من داعي (¬٤) المحبَّه والإيمان يقتضي جذبَه عن طريقها، فتتعارض الجواذب، فإنْ لم تُوقِفْه عوَّقَتْه ولا بُدَّ. فأين السيرُ بلا معوّق من السيرِ مع المعوِّق؟
قالوا: وأيضًا فالذي يُسيِّرُ العبدَ بإذن ربه إنَّما هو همَّته، والهمَّة إذا علت وارتفعت لم تلحقها (¬٥) القواطع والآفات، كالطائر إذا علا وارتفع في الجوّ فات الرماةَ، ولم تلحقه الحصا ولا البنادق ولا السهام. وإنَّما تدرك هذه الأشياء الطائرَ (¬٦) إذا لم يكن عاليًا، فكذلك الهمَّة (¬٧) العالية قد فاتت الجوارحَ والكواسرَ، وإنَّما تلحق الآفاتُ والدواعي والإرادات الهمَّةَ النَّازلة، فأمَّا إذا علت فلا تلحقها الآفات.
قالوا: وأيضًا فالحسُّ والوجود شاهد بأنَّ قلبَ المحب متى خلا من
---------------
(¬١) "ب": "مجاذب".
(¬٢) "ب، ك، ط": "وهو".
(¬٣) "ب، ك، ط": "وجه".
(¬٤) "ف": "دواعي"، سهو.
(¬٥) "ك، ط": "لم يلحقه".
(¬٦) رسمها في الأصل: "للطائر"، وكذا في النسخ الأخرى والمطبوعة. ولعل القراءة الصحيحة ما أثبتنا.
(¬٧) "ولا السهام. . . " إلى هنا ساقط من "ب".

الصفحة 501