كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

لأضدادها وأعدائها (¬١) فيه مسلك (¬٢)، وإذا صادفت فيه موضعًا مشغولًا بغيرٍ من الأغيار لم تساكن (¬٣) ذلك الموضع، فيدخلُ الضدُّ والعدوُّ من تلك الثُّلْمة، كما قال القائل:
لا كان مَن لِسواكَ فيه بقيَّةٌ ... يجدُ السبيلَ بها إليه العُذَّلُ (¬٤)
وقال (¬٥):
ومهما بقي لِلصَّحْو فيه بقيَّةٌ ... يجد نحوَك اللاحي سبيلًا إلى العَذْلِ (¬٦)
قالوا: وأيضًا فدواعي الطبع وإرادات النفس وشهواتها مصدرها إمَّا جهل وإمَّا ضعف. فإنَّها لا تصدر إلا من جهل العبد بآثارها وموجباتها، أو يكون عالمًا بذلك لكن فيه ضعف وعجز يمنعه عن محوها من قلبه بالكلية. وما كان سببه جهلًا أو عجزًا لا يكون كمالًا ولا مستلزمًا لكمالٍ. وأمَّا القلب الخالي منها ومن الاشتغال بدفعها، فقلب شريف قويّ علويّ رفيع.
قالوا: وأيضًا فهذه الإرادات والدواعي لا تُسيِّر العبد، بل إمَّا أن تنكّسه إن أجابها، وإمَّا أن تُعوّقه وتُوقفه إن اشتغل بمدافعتها. وأمَّا
---------------
(¬١) "ب": "إعدامها"، تحريف.
(¬٢) "ف": "ملك"، تحريف.
(¬٣) "ط": "لم يساكن".
(¬٤) سيأتي مرَّة أخرى في ص (٦٣٨). وقد أنشده المؤلف في الفوائد (٦٤). ومدارج السالكين (٣/ ٢٥٤) و (٢/ ٦٠١) (والقافية: اللوَّم) و (٢/ ٦١٥) (بعجز مختلف).
(¬٥) "ب": "وقال غيره".
(¬٦) أنشده المؤلف في مدارج السالكين (٣/ ٢٩٨).

الصفحة 503