كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

خيرًا منه قبل الخطيئة (¬١). قالوا: ولهذا قال سبحانه: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥)} [ص/ ٢٥]، فزاده على المغفرة أمرين (¬٢): "الزلفى"، وهي درجة القرب منه. وقد قال فيها سلف الأُمَّة وأئمّتها ما لا تحتمله عقول الجهمية وفراخهم. ومن أراد معرفتَها فعليه بتفاسير السلف. والثاني: "حسن المآب"، وهو حسن المنقلب وطيب المأوى عند اللَّه. قالوا: ومن تأمَّلَ زيادة القرب التي أعطيها داود بعد المغفرة علم صحَّة ما قلنا، وأنَّ العبدَ بعد التوبة يعود خيرًا ممَّا كان.
قالوا: وأيضًا فإنَّ للعبودية لوازم وأحكامًا وأسرارًا وكمالاتٍ لا تحصل إلا بها. ومن جملتها تكميل مقام الذلّ للعزيز الرحيم، فإنَّ اللَّه سبحانه يحبّ من (¬٣) عبده أن يكمل مقام الذلّ له، وهذا هو (¬٤) حقيقة العبودية. واشتقاقها (¬٥) يدل على ذلك، فإنَّ العرب تقول: "طريق معبَّد" أي: مذلَّل بوطءِ الأقدام.
والذل أنواع: أكملها (¬٦) ذلّ المحبّ لمحبوبه. الثاني: ذلّ المملوك لمالكه. الثالث: ذلّ (¬٧) الجاني بين يدي المنعم عليه، المحسن إليه،
---------------
= السلام. وهر من كلام طويل ذكر أنَّه "قيل بلسان الحال في قصة آدم عليه السلام وخروجه من الجنَّة بذنبه".
(¬١) انظر: منهاج السنة (٢/ ٤٣٢).
(¬٢) بعده في حاشية "ب": "أحدهما" مع علامة صح.
(¬٣) "من" ساقط من "ف".
(¬٤) "ط": "هذه هي".
(¬٥) "ف": "استقامتها"، تحريف.
(¬٦) "ب": "أحدها"، تحريف.
(¬٧) "ذل" سقط من الأصل سهوًا، ومن "ف" أيضًا.

الصفحة 511