كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

يتضمّن (¬١) العنايةَ بهذا العبد إنّما فيه سترُ ذنوبه عليه في الدنيا ومغفرتُها له يوم القيامة، ولم يقل له: وأعطيُتك بكلّ سيّئة منها حسنة؛ فدل على أن غاية السيّئات مغفرتُها وتجاوزُ اللَّه عنها.
وقد قال تعالى في حقّ الصادقين: {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥)} [الزمر/ ٣٥]. فهؤلاءِ خيار الخلق، وقد أخبر (¬٢) أنّه يكفر عنهم سيئاتِ أعمالهم، ويجزيهم بأحسن ما عملوا (¬٣)، وأحسن ما عملوا إنّما هو الحسنات لا السيّئات؛ فدلّ على أن الجزاء بالحسنى إنّما يكون على الحسنات وحدها. وأمّا السيّئات فحسبُها أن تلغى (¬٤) ويبطلَ أثرها.
قالوا: وأيضًا فلو انقلبت السيّئات أنفسها حسناتِ في حق التائب لكان أحسن حالًا من الذي لم يرتكب منها شيئًا، وأكثرَ حسناتِ منه، لأنّه إذا (¬٥) شاركه في حسناته التي فعلها، وامتاز عنه بتلك السيّئات، ثمّ انقلبت له حسناتٍ، ترجَّحَ عليه. وكيف (¬٦) يكون صاحبُ السيّئات أرجحَ ممّن لا سيّئة له؟
قالوا: وأيضًا فكما أنّ العبد إذا فعل حسناتٍ، ثمّ أتى بما يُحبِطها،
---------------
= (٢٧٦٨).
(¬١) "ب، ك، ط": "تضمن".
(¬٢) "ك، ط": "أخبر عنهم".
(¬٣) "ط": "يعملون".
(¬٤) "ط": "السيئات فان تلغى".
(¬٥) "ب": "إذا أسيء". "ك، ط": "إذا أساء" وهي زيادة لا معنى لها.
(¬٦) "ب": "فكيف".

الصفحة 537