كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وجميع مراتب الزهد المتقدّمة مبادٍ (¬١) ووسائل لهذه المرتبة، ولكن لا يصحّ إلا بتلك المراتب. فمن رامَ الوصول إلى هذه المرتبة بدون ما قبلها فمتعنٍّ (¬٢) متمنٍّ، كمن رام الصعود إلى أعلى المنارة بلا سلَّم، كما (¬٣) قال بعض السلف: "إنَّما حُرموا الوصول بتضييع الأصول" (¬٤)، فمَن ضيَّع الأصولَ مُنِعَ (¬٥) الوصول.
وإذا عُرِفَ هذا فكيف يُدَّعى أنَّ الزهد من منازل العوامّ وأنَّه نقص في طريق الخاصَّة؟ وهل الكمال إلا في الزهد، وما النقص إلا في نقصانه؟ واللَّه الموفق للصواب.
---------------
(¬١) كذا في الأصل وغيره بتنوين الكسر، وأصله "مبادئ" بالهمزة، فلمّا سهّلها أجراها كمجارٍ.
(¬٢) "ط": "فتمعن"، تحريف.
(¬٣) "كما" ساقط من "ب، ك، ط".
(¬٤) كذا نقله شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (١١/ ٢١٢). وهو من كلام محمد ابن أبي الورد المتوفى سنة ٢٦٣ هـ، وكان هو وأخوه أحمد من جلّة مشايخ العراقيين ومن جلساء الجنيد وأقرانه. ونصّ قوله كما نقله أبو نعيم: "آفة الخلق في حرفين: اشتغال بنافلة وتضييع فريضة، وعمل جوارح بلا مواطأة القلب. وإنّما منعوا الوصول بتضييع الأصول". انظر: الحلية (١٠/ ٣٣٦)، وصفة الصفوة (١/ ٤٦٨)، وطبقات الصوفية (٢٤٩).
(¬٥) "ب، ك، ط": "حرم".

الصفحة 554