كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

والنفسَ، فما ظنُّك بما تكاشَفُ (¬١) به الأرواحُ من أنوار قدسِ الذَّات المتَّصفة بالجلال والإكرام. فهذا غنًى لا يناله الوصفُ، ولا يدخل تحت الشرح، فيستغني العبد الفقير بوجود سيّده العزيز الرَّحيم.
فيا لكَ من فَقْرٍ تَقَضَّى (¬٢)، ومِن غِنَى ... يدومُ، ومِن عيشٍ ألذَّ من المُنى! (¬٣)
فلا تستعجزْ نفسَك عن البلوغ إلى هذا المقام، فبينك وبينه صدقُ الطلب، فإنَّما (¬٤) هي عزمةٌ صادقةٌ، ونهضةُ حُرٍّ لنفسه (¬٥) عنده قدرٌ وقيمةٌ، يغار عليها أن يبيعَها بالدون.
وقد جاءَ في أثرٍ إلهي: "يقول اللَّه عزَّ وجلَّ: ابْنَ آدمَ خَلَقْتكَ لنفسي فلا تَلْعَبْ، وَتَكَفلْتُ برزقك فلا تتْعَبْ، ابْنَ آدمَ اطْلُبْني تَجدْني، فَإِنْ وَجَدْتَنِي وَجَدْتَ كُلَّ شيءٍ، وإِنْ فُتُّكَّ فَاتَكَ كلُّ شيءٍ، وأَنَا أَحَبُّ إليكَ مِنْ كُل شيءٍ" (¬٦).
فمن طلَب اللَّه بصدقٍ وجده، ومن وجده أغناه وجودُه عن كلِّ شيءٍ (¬٧).
---------------
(¬١) "ك": "يكشف"، خطأ.
(¬٢) قرأ ناسخ "ف": "يُقضى"، وكتب في الحاشية: "ينقضي ظ". وفي "ك": "يقضى". وفي "ط": "ينقص"، والصواب ما أثبتنا.
(¬٣) لم يفطن ناسخ "ف"، فأثبت هذا البيت نثرًا، وكذا في "ك، ط".
(¬٤) "ك، ط": "وإنَّما".
(¬٥) "ك، ط": "ممن لنفسه".
(¬٦) أثر إسرائيلي، كما نصَّ شيخ الإسلام في الفتاوى (٨/ ٥٢)، وقد ذكره المصنف في مدارج السالكين (٢/ ٤٠٠، ٥٠٧)، والداء والدواء (٣٠٥)، وروضة المحبين (٤٣٢). وسيأتي مرة أخرى في ص (٥٢٦).
(¬٧) "عن كل شيء" ساقط من "ك".

الصفحة 95