كتاب طرح التثريب في شرح التقريب (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جِئْت أَنَا وَغُلَامٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى حِمَارٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فَنَزَلَ وَنَزَلْت وَتَرَكْنَا الْحِمَارَ أَمَامَ الصَّفِّ فَمَا بَالَاهُ وَجَاءَتْ جَارِيَتَانِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَدَخَلَتَا بَيْنَ الصَّفِّ فَمَا بَالَا ذَلِكَ» وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَلَا يُصَلِّي وَبَيْنَ يَدَيْهِ امْرَأَةٌ وَإِنْ كَانَتْ أُمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ دُونَهَا سُتْرَةٌ.
{الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} قَوْلُ عَائِشَة بِئْسَ مَا عَدَلْتُمُونَا أَرَادَتْ بِخِطَابِهَا ذَلِكَ ابْنَ أُخْتِهَا عُرْوَةَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ فَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ قَالَ قُلْت الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ فَقَالَتْ إنَّ الْمَرْأَةَ لَدَابَّةُ سُوءٍ فَذَكَرَتْ الْحَدِيثَ.
وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ رِوَايَةِ الْقَاسِمِ قَالَ بَلَغَ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إنَّ الْمَرْأَةَ تَقْطَعُ الصَّلَاةَ فَذَكَرَتْ الْحَدِيثَ.
{الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ} فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ أَنْكَرَتْ عَائِشَةُ عَلَى مَنْ ذَكَرَ الْمَرْأَةَ مَعَ الْحِمَارِ وَالْكَلْبِ فِيمَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَهِيَ قَدْ رَوَتْ الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ بِلَفْظِ «لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ إلَّا الْحِمَارُ وَالْكَافِرُ وَالْكَلْبُ وَالْمَرْأَةُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قُرِنَّا بِدَوَابِّ سُوءٍ» .
وَالْجَوَابُ إنَّ عَائِشَةَ لَمْ تُنْكِرْ وُرُودَ الْحَدِيثِ وَلَمْ تَكُنْ لِتُكَذِّبَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا ذَرٍّ وَإِنَّمَا أَنْكَرَتْ كَوْنَ الْحُكْمِ بَاقِيًا هَكَذَا فَلَعَلَّهَا كَانَتْ تَرَى نَسَخَهُ بِحَدِيثِهَا الَّذِي ذَكَرَتْهُ أَوْ كَانَتْ تَحْمِلُ قَطْعَ الصَّلَاةِ عَلَى مَحْمَلٍ غَيْرِ الْبُطْلَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا رَأَتْ تَغْيِيرَ الْحُكْمِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَرْأَةِ وَإِلَى الْحِمَارِ أَيْضًا فَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَهَذَا كَقَوْلِ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة مطلق اللَّمْسِ لَيْسَ بِنَاقِضٍ لِلْوُضُوءِ] 1
{الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ} اسْتَدَلَّ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِغَمْزِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِجْلَ عَائِشَةَ عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ اللَّمْسِ لَيْسَ بِنَاقِضٍ لِلْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَغْمِزَهَا عَلَى الثَّوْبِ أَوْ يَضْرِبَهَا بِكُمِّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ حَكَى اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِيمَا حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْهُ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَا يَنْقُضُ اللَّمْسُ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مَسَّهَا لِشَهْوَةٍ وَانْتَشَرَ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ بِنَقْضِ اللَّمْسِ بِشَهْوَةٍ وَلَذَّةٍ وَأَرَادَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَلَوْ كَانَ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِيمَا حَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ يَنْقُضُ اللَّمْسُ مُطْلَقًا بِشَهْوَةٍ وَغَيْرِهَا مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي مَوْضِعِهِ.
قُلْت وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يَرَ النَّقْضَ بِمُطْلَقِ اللَّمْسِ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ مُسْتَتِرَةً مُغَطَّاةً بِاللِّحَافِ كَمَا
الصفحة 394
414