كتاب طرح التثريب في شرح التقريب (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQخَيْرٌ نَادِرٌ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ إذَا كَانَ جُمْلَةً اسْمِيَّةً يُوجِبُ اقْتِرَانَهُ بِالْفَاءِ وَنَظِيرُهُ مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِهِ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَبِي بَكْرِ بْنِ كَعْبٍ فِي اللُّقَطَةِ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا اسْتَمْتِعْ» وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ حَذْفُ هَذِهِ الْفَاءِ إلَّا فِي الضَّرُورَةِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ
مَنْ يَفْعَلْ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرْهَا
وَذَهَبَ الْمُبَرِّدُ إلَى جَوَازِ حَذْفِهَا فِي الِاخْتِيَارِ وَقَالَ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ مَالِكٍ: لَا يَجُوزُ إلَّا فِي ضَرُورَةٍ أَوْ نُذُورٍ وَمِثْلُ النُّذُورِ بِالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْجِنَازَةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَيُقَالُ بِالْفَتْحِ لِلْمَيِّتِ وَبِالْكَسْرِ لِلنَّعْشِ عَلَيْهِ مَيِّتٌ الْأَعْلَى لِلْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ لِلْأَسْفَلِ وَيُقَالُ عَكْسُهُ وَالْجَمْعُ جَنَائِزُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ

[فَائِدَة مَعْنَى قَوْله فشر تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابكُمْ] 1
{التَّاسِعَةُ} قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَوْلُهُ «فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» يَعْنِي، الْمَيِّتَ قِيلَ لِكَوْنِهَا مَلْعُونَةً مَلْعُونًا مَنْ شَهِدَهَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَقِيلَ لِلتَّعَبِ بِهَا وَمُؤْنَةِ حَمْلِهَا انْتَهَى.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا بَعِيدَةٌ مِنْ الرَّحْمَةِ فَلَا مَصْلَحَةَ لَكُمْ فِي مُصَاحَبَتِهَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْكُ صُحْبَةِ أَهْلِ الْبَطَالَةِ وَغَيْرِ الصَّالِحِينَ.

[فَائِدَة هَلْ حمل الْجِنَازَة يختص بِالرِّجَالِ]
{الْعَاشِرَةُ} قَدْ يُسْتَدَلُّ بِقَوْلِهِ عَنْ رِقَابِكُمْ عَلَى أَنَّ حَمْلَ الْجِنَازَةِ يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ لِكَوْنِهِ أَتَى فِيهِ بِضَمِيرِ الْمُذَكَّرِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْبُخَارِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الِاسْتِدْلَالِ لِخُرُوجِ ذَلِكَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَكِنَّ الْحُكْمَ مُوَافَقٌ عَلَيْهِ فَقَدْ صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ حَمْلَ الْجِنَازَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ وَلَوْ كَانَ الْمَحْمُولُ امْرَأَةً؛ لِأَنَّهُمْ أَقْوَى لِذَلِكَ وَالنِّسَاءُ ضَعِيفَاتٌ وَرُبَّمَا انْكَشَفَ مِنْ الْحَامِلِ بَعْضُ بَدَنِهِ.

[فَائِدَة هَلْ تَتَكَلَّم الْجِنَازَة] 1
{الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ: «إنَّ الصَّالِحَ يَقُولُ قَدِّمُونِي وَغَيْرُهُ يَقُولُ أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِي» إنَّمَا يَتَكَلَّمُ رُوحُ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَازَةَ لَا تَتَكَلَّمُ بَعْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا قَالَ، وَإِنَّمَا يَسْمَعُ الرُّوحُ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَيُجَانِسُهُ وَهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ وَقَوْلُهُ يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْإِنْسَانَ لَفْظَةُ الْعُمُومِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ مُمَيِّزٍ وَهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ دُونَ الْحَيَوَانِ الصَّامِتِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ

[حَدِيث أَنْ رَسُول اللَّه خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْل أَحَد] .

الصفحة 293