كتاب طرح التثريب في شرح التقريب (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ- عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ كَانَ فَتَحَهَا عَلَى يَدِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَعْرُوفٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{السَّادِسَةُ} حَكَى ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَعْنَى بُعْدَهُ مِنْهَا رَمْيَةً بِحَجَرٍ لِيُعْمَى قَبْرُهُ لِئَلَّا يَعْبُدَهُ جُهَّالُ أَهْلِ مِلَّتِهِ وَيَقْصِدُونَهُ بِالتَّعْظِيمِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَعَنْ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا انْتَهَى: قُلْت هَذَا الْكَلَامُ مُقْتَضَاهُ أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَأَلَ الْإِدْنَاءَ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ وَلَا يَدْخُلُهَا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ أَنَّهُ سَأَلَ تَقْرِيبَهُ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ إلَى جِهَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِمِقْدَارِ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ وَمَا نَدْرِي مَا يَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَقَدْ تَكُونُ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً، وَقَدْ تَكُونُ قَرِيبَةً وَإِذَا طَلَبَ التَّقْرِيبَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِمِقْدَارِ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ فَتَقْرِيبُهُ إلَيْهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي مَقْصُودِهِ بَلْ اتِّصَالُهُ إلَى نَفْسِ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ أَبْلَغُ وَأَعْظَمُ وَمَا كَانَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَطَلَبَ الْبُعْدَ مِنْهَا، وَإِنَّمَا كَانَ بَعِيدًا مِنْهَا فَطَلَبَ الْقُرْبَ مِنْهَا وَذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ قَبْرَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمَدْيَنَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيَّ وَقَالَ فِيهِ نَظَرٌ وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَمَدْيَنُ لَيْسَتْ قَرِيبَةً مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَا مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، وَقَدْ اُشْتُهِرَ أَنَّ قَبْرًا قَرِيبًا مِنْ أَرِيحَاءَ وَهِيَ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ يُزَارُ وَيُقَالُ إنَّهُ قَبْرُ مُوسَى وَعِنْدَهُ كَثِيبٌ أَحْمَرُ وَطَرِيقٌ، وَقَدْ حَدَّثَنَا عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ زَارَهُ انْتَهَى.
{السَّابِعَةُ} إنَّمَا سَأَلَ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - التَّقْرِيبَ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ إلَيْهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّمَا يُدْفَنُونَ فِي الْبُقْعَةِ الَّتِي مَاتُوا فِيهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُنْقَلُونَ مِنْ بُيُوتِهِمْ الَّتِي مَاتُوا فِيهَا إلَى مَدَافِنِهِمْ وَمَقَابِرِهِمْ كَمَا هِيَ عَادَةُ النَّاسِ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ نَقْلُ الْمَيِّتِ إلَى بَلَدٍ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ فِي حُكْمِهِ فَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إنِّي لَا أُحِبُّهُ، وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ يُكْرَهُ نَقْلُهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ

الصفحة 302