كتاب طرح التثريب في شرح التقريب (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَا تَأَخَّرَ» ، وَقَدْ وَرَدَ غُفْرَانُ مَا تَأَخَّرَ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَيْضًا لَكِنَّهُ مِنْ حَدِيثِ صَحَابِيٍّ آخَرَ وَسَأَذْكُرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَيُوَافِقُهَا أَرَاهُ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ» .
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ «إيمَانًا» أَيْ تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حَقٌّ وَطَاعَةٌ، وَقَوْلُهُ وَاحْتِسَابًا أَيْ طَلَبًا لِمَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى وَثَوَابِهِ لَا بِقَصْدِ رُؤْيَةِ النَّاسِ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ الْإِخْلَاصَ وَالِاحْتِسَابُ مِنْ الْحَسَبِ وَهُوَ الْعَدُّ كَالِاعْتِدَادِ مِنْ الْعَدِّ وَإِنَّمَا قِيلَ لِمَنْ يَنْوِي بِعَمَلِهِ وَجْهَ اللَّهِ احْتَسَبَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَعْتَدَّ عَمَلَهُ فَجُعِلَ فِي حَالِ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ كَأَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهِ.
(الثَّالِثَةُ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِقِيَامِ رَمَضَانَ قِيَامُ جَمِيعِ لَيْلِهِ بَلْ يَحْصُلُ ذَلِكَ بِقِيَامٍ يَسِيرٍ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا فِي مُطْلَقِ التَّهَجُّدِ وَبِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَرَاءَ الْإِمَامِ كَالْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ وَبِصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ.
وَأَبُو دَاوُد بِلَفْظِ «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ» .
وَكَذَا لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ «وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ» .
، وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ فِي ذَلِكَ مَحْمُولَةٌ عَلَى رِوَايَتِهِمَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ «وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ» أَيْ مَعَ كَوْنِهِ كَانَ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ يَأْتِي فِي تَحْصِيلِ قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
، وَذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ بَلَاغًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنْهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ رَأْيًا وَلَا يُؤْخَذُ إلَّا تَوْقِيفًا، وَمَرَاسِيلُ

الصفحة 161