كتاب طرح التثريب في شرح التقريب (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّحِيحَةُ فِي حَلِفِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا النَّوْعِ لِهَذَا الْمَعْنَى انْتَهَى.
(الثَّالِثَةُ) فِي قَوْلِهِ (نَفْسُ مُحَمَّدٍ) تَعْبِيرُ الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ بِاسْمِهِ دُونَ ضَمِيرِهِ كَقَوْلِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ نَفْسِي وَفِي الْحَلِفِ بِهَذِهِ الْيَمِينِ زِيَادَةُ تَأْكِيدٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اسْتَحْضَرَ أَنَّ نَفْسَهُ الَّتِي هِيَ أَعَزُّ الْأَشْيَاءِ عَلَيْهِ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ يَشَاءُ غَلَبَ عَلَيْهِ الْخَوْفُ فَارْتَدَعَ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى مَا لَا يَتَحَقَّقُهُ فَكَانَ فِي الْحَلِفِ بِهَذَا زِيَادَةُ تَأْكِيدٍ عَلَى الْحَلِفِ بِغَيْرِهِ.
(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ «بِيَدِهِ» مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ الَّتِي فِيهَا مَذْهَبَانِ مَشْهُورَانِ:
(أَحَدُهُمَا) تَأْوِيلُ الْيَدِ بِالْقُدْرَةِ (ثَانِيهِمَا) إمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَالْكَفُّ عَنْ تَفْسِيرِ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ «لَوْ أَنَّ أُحُدًا عِنْدِي» يَحْتَمِلُ أَنَّ تَقْدِيرَهُ مِثْلُ أُحُدٍ فَفِيهِ مُضَافٌ حُذِفَ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ انْقِلَابَ أُحُدٍ نَفْسِهِ وَصَيْرُورَتُهُ ذَهَبًا وَيَدُلُّ لِلِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ» الْحَدِيثَ، وَيَدُلُّ لِلِاحْتِمَالِ الثَّانِي قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ فِي الصَّحِيحِ «فَلَمَّا أَبْصَرَ يَعْنِي أُحُدًا قَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ تُحَوَّلَ لِي ذَهَبًا يَمْكُثَ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ» الْحَدِيثَ.

[فَائِدَة الْحَثّ عَلَى الصَّدَقَة وَالْإِنْفَاق فِي الْقِرْبَات] 1
(السَّادِسَةُ) فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالْإِنْفَاقِ فِي الْقُرُبَاتِ وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ الزُّهْدِ يُحِبُّ أَنْ لَا يَبْقَى عِنْدَهُ مِنْ جَبَلِ ذَهَبٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ شَيْءٌ وَإِنَّمَا قَيَّدَ ذَلِكَ بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى تَفْرِيقُ جَبَلِ الذَّهَبِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَلَوْ اسْتَغْرَقَ فِي ذَلِكَ أَوْقَاتَهُ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ بِكُلِّ أُحُدٍ.

[فَائِدَة الْإِنْفَاق إنَّمَا يَكُون عِنْد وجود الْقَابِلِينَ لَهُ] 1
(السَّابِعَةُ) فِيهِ أَنَّ الْإِنْفَاقَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ وُجُودِ الْقَابِلِينَ لَهُ فَأَمَّا مَعَ فَقْدِهِمْ فَلَا يَتَأَتَّى الْإِنْفَاقُ؛ لِأَنَّ الْآخِذَ أَحَدُ رُكْنَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ الْإِكْرَاهُ عَلَيْهِ وَاسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ اسْتِدْلَالٌ وَاضِحٌ، فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شَرَطَ فِي اسْتِحْبَابِهِ إنْفَاقَ جَبَلِ الذَّهَبِ فِي ثَلَاثٍ وُجُودَ الْقَابِلِ لَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ قَابِلًا أَخَّرَهُ إلَى وُجُودِ الْقَابِلِ لَهُ وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْنَ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مَعَ الْإِمْكَانِ وَهُوَ مَفْقُودٌ مَعَ فَقْدِ الْقَابِلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَائِدَة تَقْدِيم وفاء الدِّين عَلَى الصدقات]
(الثَّامِنَةُ) قَوْلُهُ «لَيْسَ شَيْءٌ أَرْصُدُهُ فِي دَيْنٍ عَلَيَّ» أَيْ لَيْسَ الْبَاقِي شَيْئًا

الصفحة 30