كتاب طرح التثريب في شرح التقريب (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمُحْكَمِ.
(الثَّانِي) أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْإِبِلِ وَلَيْسَتْ الْأَنْعَامُ جَمْعًا لَهُ فَإِنَّهَا تُطْلَقُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ. صَدَّرَ بِهِ فِي الْمَشَارِقِ كَلَامَهُ وَحَكَاهُ فِي الْمُحْكَمِ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ وَيُوَافِقُهُ اقْتِصَارُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى ذِكْرِ الْأَخْفَافِ وَهِيَ الْإِبِلُ دُونَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُعْطِ حَقَّهَا أَيْ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدُ إيضَاحٍ، فَإِنْ قُلْت كَيْفَ أَطْلَقَ رَبَّ النَّعَمِ هَذَا عَلَى مَالِكِهَا مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا يَقُلْ الْمَمْلُوكُ لِسَيِّدِهِ رَبِّي» ، وَمِثْلُ هَذَا «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا» (قُلْت) أَجَابَ عَنْهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ بِأَنَّ الْبَهَائِمَ غَيْرُ مُتَعَبِّدَةٍ وَلَا مُخَاطَبَةٍ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَجُوزُ إضَافَةُ مَالِكِيهَا إلَيْهَا وَجَعْلُهُمْ أَرْبَابًا لَهَا، قَالَ فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42] فَإِنَّهُ خَاطَبَهُمْ عَلَى الْمُتَعَارَفِ عِنْدَهُمْ عَلَى مَا كَانُوا يُسَمُّونَهُمْ بِهِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلسَّامِرِيِّ {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ} [طه: 97] أَيْ الَّذِي اتَّخَذْته إلَهًا اهـ.
(الثَّالِثَةُ) قَوْلُهُ «يُسَلَّطُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْيِيهَا بِعَيْنِهَا لِيُعَاقِبَهُ بِهَا وَفِي ذَلِكَ مُعَامَلَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِمَنْعِ حَقِّ اللَّهِ فِيهَا الِارْتِفَاقَ وَالِانْتِفَاعَ بِمَا مَنَعَهُ مِنْهَا فَكَانَ ذَلِكَ الَّذِي قَصَدَ الِانْتِفَاعَ بِهِ أَضَرُّ الْأَشْيَاءِ عَلَيْهِ وَسُلِّطَ عَلَيْهِ حَتَّى بَاشَرَ عُقُوبَتَهُ بِنَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ تَخْبِطُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ تَضْرِبُ، وَهَذَا صَادِقٌ بِأَنْ تَضْرِبَ وَجْهَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ لَكِنْ دَلَّتْ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَلَى أَنَّهُ يُبْطَحُ لَهَا وَفِيهِ زِيَادَةٌ يَجِبُ الْأَخْذُ بِهَا، فَإِنْ قُلْت حَقُّ الْفُقَرَاءِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَدْرِ الْوَاجِبِ دُونَ جَمِيعِ الْمَالِ فَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ إلَّا بِخَبْطِ قَدْرِ الْوَاجِبِ خَاصَّةً قُلْت قَدْ أُمِرَ بِتَطْهِيرِ مَالِهِ بِالزَّكَاةِ فَلَمَّا لَمْ يُخْرِجْهَا كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ غَيْرَ مُطَهَّرٍ وَلَمْ يُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ فِي جَمِيعِهِ، وَالْفُقَرَاءُ لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ بَلْ حَقُّهُمْ فِي جَمِيعِ الْمَالِ، وَلَوْ اعْتَبَرْنَا ذَلِكَ لَزِمَ أَنَّ مَانِعَ زَكَاةِ مَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ لَا يُعَاقَبُ بِخَبْطِ شَيْءٍ مِنْهَا إذْ الْوَاجِبُ لَيْسَ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْغَنَمِ، وَقَدْ قَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ «لَا يَفْقِدُ مِنْهَا فَصِيلًا وَاحِدًا» .
(الرَّابِعَةُ) وَفِيهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ إنْ جَعَلْنَا اسْمَ النَّعَمِ شَامِلًا لَهَا وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي زَادَهَا الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي

الصفحة 6