كتاب طرح التثريب في شرح التقريب (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا كَالذِّكْرِ عَقِبَ الصَّلَاةِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالصِّيَامِ وَنَحْوِهِ وَالْأَذْكَارُ الْمَخْصُوصَةُ مُتَعَبَّدٌ بِهَا فِي لَفْظِهَا وَمَحَلِّهَا وَمَكَانِهَا وَزَمَانِهَا.
(الثَّانِي) أَنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى سَائِرِ أَسْفَارِ الطَّاعَةِ لِكَوْنِهَا فِي مَعْنَاهَا فِي التَّقَرُّبِ بِهَا.
(الثَّالِثُ) أَنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى الْأَسْفَارِ الْمُبَاحَةِ أَيْضًا وَعَلَى هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ فَالتَّقْيِيدُ فِي الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ يُسَافِرُ بِغَيْرِ الْمَقَاصِدِ الثَّلَاثَةِ فَقَيَّدَهُ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ لَا لِاخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِهِ.
(الرَّابِعُ) تَعَدِّيهِ إلَى الْأَسْفَارِ الْمُحَرَّمَةِ لِأَنَّ مُرْتَكِبَ الْحَرَامِ أَحْوَجُ إلَى الذِّكْرِ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ مُحْتَمَلٌ فَإِنَّهُ قَالَ فِي تَبْوِيبِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (مَا يَقُولُ إذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ الْعُمْرَةُ وَالْغَزْوُ) وَقَدْ يُرِيدُ غَيْرَهُ مُطْلَقًا وَقَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ سَوَاءٌ فِيهِ السَّفَرُ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَزْوٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ طَلَبِ عِلْمٍ وَتِجَارَةٍ وَغَيْرِهِمَا انْتَهَى فَمَثَّلَ بِطَلَبِ الْعِلْمِ وَهُوَ مِنْ الطَّاعَاتِ وَبِالتِّجَارَةِ وَهِيَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ وَلَمْ يُمَثِّلْ الْمُحَرَّمَ لَكِنَّهُ مُنْدَرِجٌ فِي إطْلَاقِهِ.
(الرَّابِعَةُ) الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي اخْتِصَاصِ التَّكْبِيرِ ثَلَاثًا بِحَالَةِ كَوْنِهِ عَلَى الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَى آخِرِهِ فَيَحْتَمِلُ الْإِتْيَانَ بِهِ وَهُوَ عَلَى الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَتَقَيَّدَ بِذَلِكَ بَلْ إنْ كَانَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ وَاسِعًا قَالَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا كَمَّلَ بَقِيَّةَ الذِّكْرِ بَعْدَ انْهِبَاطِهِ وَلَا يَسْتَمِرُّ وَاقِفًا فِي الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ لِتَكْمِيلِهِ.
(الْخَامِسَةُ) قَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: مُنَاسَبَةُ التَّكْبِيرِ عَلَى الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ أَنَّ الِاسْتِعْلَاءَ وَالِارْتِفَاعَ مَحْبُوبٌ لِلنُّفُوسِ وَفِيهِ ظُهُورٌ وَغَلَبَةٌ عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْمَكَانِ فَيَنْبَغِي لِمَنْ تَلَبَّسَ بِهِ أَنْ يَذْكُرَ عِنْدَ ذَلِكَ كِبْرِيَاءَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَيَشْكُرُ لَهُ ذَلِكَ؛ يَسْتَمْطِرُ بِذَلِكَ الْمَزِيدَ مِمَّا مَنَّ بِهِ عَلَيْهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ تَوْحِيدُهُ لِلَّهِ تَعَالَى هُنَاكَ إشْعَارٌ بِانْفِرَادِهِ تَعَالَى بِإِيجَادِ جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ وَبِأَنَّهُ الْمَأْلُوهُ أَيْ الْمَعْبُودُ فِي كُلِّ الْأَمَاكِنِ مِنْ الْأَرَضِينَ وَالسَّمَوَاتِ (قُلْت) وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا عَلَا

الصفحة 185