كتاب طرح التثريب في شرح التقريب (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهَا لَا رَبَّ سِوَاهُ.
(التَّاسِعَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ «قَوْلُهُ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ» أَيْ فِي إظْهَارِ الدِّينِ وَكَوْنِ الْعَاقِبَةِ لِلْمُتَّقِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَعَدَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ «وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» أَيْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَالْمُرَادُ الْأَحْزَابُ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا يَوْمَ الْخَنْدَقِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ وَبِهَذَا يَرْتَبِطُ قَوْلُهُ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ تَكْذِيبًا لِقَوْلِ الْمُنَافِقِينَ وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا} [الأحزاب: 12] وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخَبَرُ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ اللَّهُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ وَحْدَك قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَقَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجْهُ مُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ إنْ كَانَ سَفَرَ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ تَذْكِرَةٌ بِذَلِكَ وَعْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] وَإِنْ كَانَ رُجُوعًا مِنْ غُزَاةٍ بِذِكْرِهِ قَوْله تَعَالَى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 55] الْآيَةَ قَوْله تَعَالَى {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} [الفتح: 20] .
قَالَ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ «أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا وَأَبُو طَلْحَةَ وَصَفِيَّةُ رَدِيفَتُهُ عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى إذَا كَانَ بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ قَالَ آيِبُونَ تَائِبُونَ» الْحَدِيثَ فَهَذَا كَانَ مَقْفَلُهُ مِنْ خَيْبَرَ وَكَانَتْ مُتَّصِلَةً بِقِصَّةِ الْأَحْزَابِ {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا} [الأحزاب: 12] فَرَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.
(الْعَاشِرَةُ) مَجْمُوعُ هَذَا الذِّكْرِ إنَّمَا كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَأْتِي بِهِ عِنْدَ الْقُفُولِ وَكَانَ يَأْتِي بِصَدْرِهِ فِي الْخُرُوجِ أَيْضًا فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا» الْحَدِيثَ. وَفِي آخِرِهِ «وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» وَتَقَدَّمَ فِي الْفَائِدَةِ الْخَامِسَةِ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «كُنَّا إذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا» . وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُد «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجُيُوشُهُ إذَا عَلَوْا الثَّنَايَا كَبَّرُوا، وَإِذَا هَبَطُوا سَبَّحُوا» .
«وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لَهُ أَوْصِنِي لَمَّا أَرَادَ سَفَرًا عَلَيْك بِتَقْوَى اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَلَمْ يَخُصَّ ذَلِكَ بِالرَّجْعَةِ مِنْ سَفَرِهِ.

الصفحة 187