كتاب طرح التثريب في شرح التقريب (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّتِي كَانَ عَلَيْهَا.
(فَإِنْ قُلْت) فَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ النَّهْيِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا عَلِمْت حَتَّى دَخَلْت عَلَى زَيْنَبَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَهِيَ غَضْبَى فَذَكَرْت شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ.
(قُلْت) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ وَاقِعَةٌ أُخْرَى وَسَنَزِيدُ ذَلِكَ إيضَاحًا.
(السَّادِسَةُ) الْمِرْطُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كِسَاءٌ مُعَلَّمٌ يَكُونُ تَارَةً مِنْ خَزٍّ وَتَارَةً مِنْ صُوفٍ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي وَصْفِهِ أَنْ يَكُونَ مُرَبَّعًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ سَدَاه مِنْ شَعْرٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ بَعْضُهُمْ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا أَيْ لَهُ عَلَمٌ.
(السَّابِعَةُ) قَوْلُهَا تُسَامِينِي أَيْ تُعَادِينِي مِنْ قَوْلِهِمْ سَامَهُ خُطَّةَ خَسْفٍ أَيْ كَلَّفَهُ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَيُذِلُّهُ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وَفِيهِ بُعْدٌ مِنْ جِهَةِ اللِّسَانِ وَالْمَعْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّامِنَةُ) قَوْلُهَا يَشْتِمُنِي بِكَسْرِ التَّاءِ وَالطَّرْفُ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ الْبَصَرُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي ذَلِكَ وَلَا أَشَارَ بِعَيْنِهِ وَلَا غَيْرِهَا بَلْ لَا يَحِلُّ اعْتِقَادُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْرُمُ عَلَيْهِ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهَا انْتَصَرَتْ لِنَفْسِهَا فَلَمْ يَنْهَهَا، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: كَأَنَّ زَيْنَبَ لَمَّا بَدَأَتْهَا بِالْعَتْبِ وَاللَّوْمِ كَانَتْ كَأَنَّهَا ظَالِمَةٌ فَجَازَ لِعَائِشَةَ أَنْ تَنْتَصِرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: 41] .
(قُلْت) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ النَّهْيِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ «عَائِشَةَ فَأَعْرَضْت عَنْهَا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَك فَانْتَصِرِي فَأَقْبَلْت عَلَيْهَا حَتَّى رَأَيْتهَا قَدْ يَبِسَتْ رِيقُهَا فِي فِيهَا مَا تَرُدُّ عَلَى شَيْءٍ» وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا وَاقِعَةٌ أُخْرَى كَمَا تَقَدَّمَ.
(التَّاسِعَةُ) قَوْلُهَا حَتَّى أَفْحَمْتهَا بِالْفَاءِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أَسْكَتُّهَا، يُقَالُ: أَفْحَمَهُ إذَا أَسْكَتَهُ فِي خُصُومَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.
(الْعَاشِرَةُ) قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ الْإِشَارَةُ إلَى كَمَالِ فَهْمِهَا وَحُسْنِ نَظَرِهَا، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: هُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَصْلِهَا الْكَرِيمِ الَّذِي نَشَأَتْ عَنْهُ وَاكْتَسَبَتْ الْجَزَالَةَ وَالْبَلَاغَةَ وَالْفَضِيلَةَ مِنْهُ وَطِيبُ الْفُرُوعِ بِطِيبِ عُذُوقِهَا، وَغِذَاؤُهَا مِنْ عُرُوقِهَا كَمَا قَالَ:
طِيبُ الْفُرُوعِ مِنْ الْأُصُولِ وَلَمْ يُرَ، فَرْعٌ يَطِيبُ وَأَصْلُهُ الزَّقُّومُ.
فَفِيهِ مَدْحُ عَائِشَةَ وَأَبِيهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.
(قُلْت) وَلَعَلَّهُ اسْتَحْسَنَ مِنْهَا كَوْنَهَا لَمْ تَبْدَأْ زَيْنَبُ بِالْكَلَامِ حَتَّى تَكَلَّمَتْ زَيْنَبُ وَزَادَتْ فَصَارَتْ عَائِشَةُ مُنْتَصِرَةً لَا سَبِيلَ عَلَيْهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بَلَغَتْ مَا أَرَادَتْ فَكَانَ لَهَا الْعَاقِبَةُ وَالظَّفَرُ بِالْمَقْصُودِ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ)

الصفحة 53